العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

حدود التغيير في سياسات إيران بعد تشكيل الحكومة الجديدة

بقلم: رانيا مكرم

الجمعة ٣٠ أغسطس ٢٠٢٤ - 02:00

حصل‭ ‬كامل‭ ‬التشكيل‭ ‬الوزاري‭ ‬الذي‭ ‬اقترحه‭ ‬الرئيس‭ ‬الإيراني،‭ ‬مسعود‭ ‬بزشكيان،‭ ‬والمكون‭ ‬من‭ ‬19‭ ‬وزيراً،‭ ‬على‭ ‬ثقة‭ ‬البرلمان،‭ ‬يوم‭ ‬21‭ ‬أغسطس‭ ‬2024،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عقدين،‭ ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬يتمكن‭ ‬رئيس‭ ‬إيراني‭ ‬من‭ ‬تمرير‭ ‬جميع‭ ‬وزرائه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬البرلمان،‭ ‬منذ‭ ‬عهد‭ ‬الرئيس‭ ‬الأسبق‭ ‬محمد‭ ‬خاتمي‭.‬

وفرض‭ ‬تشكيل‭ ‬حكومة‭ ‬بزشكيان‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الجدل،‭ ‬وسط‭ ‬استياء‭ ‬وانتقادات‭ ‬عدة‭ ‬من‭ ‬قِبل‭ ‬التيار‭ ‬الإصلاحي‭ ‬وحلفاء‭ ‬الرئيس‭ ‬الجديد،‭ ‬قبل‭ ‬الأصوليين،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الانتقادات‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تؤثر‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬في‭ ‬أهلية‭ ‬أي‭ ‬وزير‭ ‬لدى‭ ‬أعضاء‭ ‬البرلمان‭ ‬الخاضع‭ ‬لسيطرة‭ ‬التيار‭ ‬الأصولي؛‭ ‬لاعتبارات‭ ‬عدة‭ ‬أهمها‭ ‬تأييد‭ ‬المرشد‭ ‬الإيراني،‭ ‬على‭ ‬خامنئي،‭ ‬للحكومة‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬يمكن‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬دلالات‭ ‬التشكيل‭ ‬الوزاري‭ ‬الجديد،‭ ‬ومدى‭ ‬تأثيره‭ ‬في‭ ‬سياسات‭ ‬حكومة‭ ‬بزشكيان‭ ‬في‭ ‬القضايا‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬المقبلة‭.‬

منح‭ ‬البرلمان‭ ‬الإيراني‭ ‬الثقة‭ ‬للحكومة‭ ‬المُقترحة‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬بزشكيان،‭ ‬عقب‭ ‬مناقشات‭ ‬محتدمة‭ ‬لبحث‭ ‬أهلية‭ ‬كل‭ ‬وزير،‭ ‬وذلك‭ ‬خلال‭ ‬الجلسة‭ ‬المنعقدة‭ ‬بتاريخ‭ ‬21‭ ‬أغسطس‭ ‬الجاري،‭ ‬التي‭ ‬ألقى‭ ‬فيها‭ ‬الرئيس‭ ‬خطاباً‭ ‬أشار‭ ‬فيه‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬توافق‭ ‬أعضاء‭ ‬البرلمان‭ ‬على‭ ‬تشكيل‭ ‬الحكومة‭ ‬الجديدة،‭ ‬الحاصلة‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬على‭ ‬تأييد‭ ‬خامنئي‭.‬

وشارك‭ ‬في‭ ‬التصويت‭ ‬285‭ ‬نائباً‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬290،‭ ‬وحصل‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع،‭ ‬عزيز‭ ‬نصير‭ ‬زاده،‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬تصويت،‭ ‬بنيله‭ ‬تأييد‭ ‬281‭ ‬نائباً‭. ‬فيما‭ ‬كانت‭ ‬أقل‭ ‬الأصوات‭ ‬لوزير‭ ‬الصحة،‭ ‬محمد‭ ‬رضا‭ ‬ظفرقندي،‭ ‬بحصوله‭ ‬على‭ ‬163‭ ‬صوتاً‭. ‬بينما‭ ‬نال‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية،‭ ‬عباس‭ ‬عراقجي،‭ ‬247‭ ‬صوتاً،‭ ‬ووزير‭ ‬الاستخبارات،‭ ‬إسماعيل‭ ‬خطيب،‭ ‬261‭ ‬صوتاً،‭ ‬ووزير‭ ‬الداخلية،‭ ‬إسكندر‭ ‬مومني،‭ ‬259‭ ‬صوتاً،‭ ‬والثقافة،‭ ‬عباس‭ ‬صالحي،‭ ‬272‭ ‬صوتاً‭. ‬وتجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬وزير‭ ‬مقترح‭ ‬في‭ ‬التشكيل‭ ‬الوزاري‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬ثقة‭ ‬نصف‭ ‬أعضاء‭ ‬البرلمان‭ (‬145‭).‬

وجاء‭ ‬التصويت‭ ‬بثقة‭ ‬البرلمان‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬عقب‭ ‬دفاعات‭ ‬عدة‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬بزشكيان،‭ ‬وسط‭ ‬تكهنات‭ ‬كانت‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬احتمالية‭ ‬فشل‭ ‬أربعة‭ ‬وزراء‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الثقة،‭ ‬وهم‭ ‬وزراء‭ ‬الصحة،‭ ‬والعمل‭ ‬والرفاه،‭ ‬والاقتصاد،‭ ‬والتراث‭ ‬الثقافي‭ ‬والسياحة‭. ‬وخلال‭ ‬هذه‭ ‬الدفاعات،‭ ‬أكد‭ ‬بزشكيان‭ ‬أن‭ ‬الوزراء‭ ‬المقترحين‭ ‬حصلوا‭ ‬على‭ ‬توافق‭ ‬المؤسسات‭ ‬الأمنية،‭ ‬والحرس‭ ‬الثوري‭. ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬اضطرار‭ ‬بزشكيان‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬تشكيل‭ ‬حكومته‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬أمام‭ ‬البرلمان،‭ ‬قد‭ ‬دفعه‭ ‬إلى‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬ضيقه‭ ‬بتأخر‭ ‬التصويت‭ ‬على‭ ‬منح‭ ‬الثقة،‭ ‬قائلاً‭: ‬‮«‬لماذا‭ ‬تجبرونني‭ ‬على‭ ‬قول‭ ‬أشياء‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬أقولها؟‮»‬‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬حصوله‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬على‭ ‬ثقة‭ ‬المرشد‭ ‬بشأن‭ ‬أعضاء‭ ‬الحكومة،‭ ‬موضحاً‭ ‬أن‭ ‬اسم‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬كان‭ ‬أول‭ ‬الأسماء‭ ‬التي‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬موافقة‭ ‬خامنئي،‭ ‬وأن‭ ‬الأخير‭ ‬أكد‭ ‬مشاركة‭ ‬المرشحة‭ ‬لوزارة‭ ‬الطرق‭ ‬فرزانة‭ ‬صادق‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭. ‬كما‭ ‬كشف‭ ‬في‭ ‬خطابه‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬المرشح‭ ‬لوزارة‭ ‬الثقافة،‭ ‬عباس‭ ‬صالحي،‭ ‬لم‭ ‬يقبل‭ ‬منصب‭ ‬الوزير،‭ ‬لكن‭ ‬المرشد‭ ‬هاتفه‭ ‬وأمره‭ ‬بالمشاركة‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭.‬

ترافق‭ ‬تقديم‭ ‬الرئيس‭ ‬بزشكيان‭ ‬تشكيل‭ ‬الحكومة‭ ‬الجديدة،‭ ‬مع‭ ‬انتقادات‭ ‬عدة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬التيار‭ ‬الإصلاحي،‭ ‬وخاصةً‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬حلفاء‭ ‬الرئيس‭ ‬وهو‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأسبق‭ ‬محمد‭ ‬جواد‭ ‬ظريف،‭ ‬الذي‭ ‬بادر‭ ‬بالاستقالة‭ ‬من‭ ‬منصب‭ ‬نائب‭ ‬الرئيس‭ ‬للشؤون‭ ‬الاستراتيجية؛‭ ‬وهو‭ ‬منصب‭ ‬كان‭ ‬استحدثه‭ ‬بزشكيان‭ ‬للاستفادة‭ ‬من‭ ‬خبرات‭ ‬ظريف،‭ ‬ومكافأة‭ ‬له‭ ‬على‭ ‬دعمه‭ ‬المطلق‭ ‬لبزشكيان‭ ‬خلال‭ ‬حملته‭ ‬الانتخابية‭. ‬وعبّر‭ ‬ظريف‭ ‬عن‭ ‬خيبة‭ ‬أمله‭ ‬من‭ ‬التشكيل‭ ‬الحكومي‭ ‬المُقدم‭ ‬إلى‭ ‬البرلمان‭. ‬كما‭ ‬انتقد‭ ‬الأصوليون‭ ‬هذا‭ ‬التشكيل،‭ ‬وحاول‭ ‬نوابهم‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬عرقلة‭ ‬منح‭ ‬الثقة‭ ‬للوزراء‭.‬

وفي‭ ‬المجمل،‭ ‬تتمثل‭ ‬أبرز‭ ‬الانتقادات‭ ‬للحكومة‭ ‬الإيرانية‭ ‬الرابعة‭ ‬عشرة‭ ‬برئاسة‭ ‬بزشكيان،‭ ‬فيما‭ ‬يلي‭:‬

1-‭ ‬الضغط‭ ‬باسم‭ ‬المرشد‭: ‬استخدم‭ ‬بزشكيان‭ ‬اسم‭ ‬المرشد‭ ‬الإيراني‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬خطاباته‭ ‬أمام‭ ‬البرلمان‭ ‬لتأكيد‭ ‬موافقة‭ ‬خامنئي‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬أعضاء‭ ‬الحكومة؛‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬اعتبره‭ ‬النواب‭ ‬بمثابة‭ ‬ضغط‭ ‬عليهم‭ ‬لمنح‭ ‬الثقة‭ ‬للحكومة‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬عبّر‭ ‬عنه‭ ‬النائب‭ ‬الأصولي،‭ ‬مالك‭ ‬شريعتي،‭ ‬بقوله‭: ‬‮«‬إن‭ ‬استغلال‭ ‬الرئيس‭ ‬لدعم‭ ‬المرشد‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬ثقة‭ ‬البرلمان‭ ‬كان‭ ‬خطأً‭ ‬كبيراً‭ ‬لأنه‭ ‬وضع‭ ‬البرلمان‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬خيارات‭ ‬المرشد‭.. ‬وأن‭ ‬ذلك‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬استشعار‭ ‬أعضاء‭ ‬الحكومة‭ ‬لمسؤولياتهم‭ ‬في‭ ‬المستقبل‮»‬‭.‬

2-‭ ‬حكومة‭ ‬بلا‭ ‬تغيير‭: ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الوعود‭ ‬التي‭ ‬قطعها‭ ‬بزشكيان‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬خلال‭ ‬حملته‭ ‬الانتخابية،‭ ‬بأنه‭ ‬سيشكل‭ ‬حكومة‭ ‬تغيير‭ ‬تستطيع‭ ‬الوفاء‭ ‬بمتطلبات‭ ‬المرحلة‭ ‬الصعبة‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬إيران،‭ ‬فإن‭ ‬أبرز‭ ‬الانتقادات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬التشكيل‭ ‬الوزاري‭ ‬الجديد‭ ‬هو‭ ‬غياب‭ ‬أي‭ ‬ملامح‭ ‬للتغيير،‭ ‬ولاسيما‭ ‬مع‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بثلاثة‭ ‬وزراء‭ ‬من‭ ‬حكومة‭ ‬الرئيس‭ ‬الراحل‭ ‬إبراهيم‭ ‬رئيسي،‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬الاستخبارات،‭ ‬والإعلام،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬خمسة‭ ‬وزراء‭ ‬من‭ ‬حكومة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأسبق،‭ ‬حسن‭ ‬روحاني‭. ‬كما‭ ‬تضمن‭ ‬التشكيل‭ ‬ثمانية‭ ‬أصوليين؛‭ ‬مما‭ ‬دعا‭ ‬الصحف‭ ‬الإصلاحية‭ ‬والمعتدلة‭ ‬إلى‭ ‬انتقاد‭ ‬بزشكيان‭.‬

فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬أشارت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬جمهوري‭ ‬إسلامي‮»‬‭ ‬المعتدلة،‭ ‬في‭ ‬افتتاحيتها‭ ‬يوم‭ ‬12‭ ‬أغسطس‭ ‬الجاري،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التركيبة‭ ‬الوزارية‭ ‬لحكومة‭ ‬بزشكيان‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحمل‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬تشكيل‭ ‬وزاري‭ ‬جديد‮»‬،‭ ‬وأنها‭ ‬تحمل‭ ‬بصمات‭ ‬المرشد‭ ‬الأعلى‭ ‬بشكل‭ ‬واضح،‭ ‬وتهدف‭ ‬إلى‭ ‬الديمومة‭ ‬والإبقاء‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬السابق،‭ ‬وتكملة‭ ‬مسيرة‭ ‬حكومة‭ ‬رئيسي‭ ‬دون‭ ‬إحداث‭ ‬أي‭ ‬تغيير‭ ‬وعد‭ ‬به‭ ‬بزشكيان‭. ‬كما‭ ‬انتقدت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬اعتماد‮»‬‭ ‬الإصلاحية،‭ ‬طريقة‭ ‬اختيار‭ ‬الوزراء،‭ ‬وعرض‭ ‬الأسماء‭ ‬على‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬والاستخباراتية؛‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أكده‭ ‬بزشكيان‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬خطاباته‭ ‬أمام‭ ‬البرلمان،‭ ‬واعتبرت‭ ‬الصحيفة‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الإجراء‭ ‬لا‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬في‭ ‬نهج‭ ‬تسمية‭ ‬الوزراء‭.‬

3-‭ ‬غياب‭ ‬الشباب‭ ‬والأقليات‭: ‬وعد‭ ‬بزشكيان‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬حكومته‭ ‬الجديدة‭ ‬بمثابة‭ ‬‮«‬حكومة‭ ‬توافق‭ ‬وطني‮»‬،‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬الشباب‭ ‬والمرأة‭ ‬والأقليات‭ ‬وتمثلهم‭. ‬كما‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬أعلن‭ ‬جواد‭ ‬ظريف،‭ ‬قبل‭ ‬استقالته‭ ‬من‭ ‬منصب‭ ‬نائب‭ ‬الرئيس‭ ‬للشؤون‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬ورئيس‭ ‬ما‭ ‬يُسمى‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬التوجيهي‭ ‬للمرحلة‭ ‬الانتقالية‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬الاتفاق‭ ‬داخل‭ ‬المجلس‭ ‬المُوكل‭ ‬إليه‭ ‬مهمة‭ ‬ترشيح‭ ‬الوزراء‭ ‬وتقديم‭ ‬الاستشارة‭ ‬للرئيس‭ ‬لاختيار‭ ‬أعضاء‭ ‬الحكومة،‭ ‬على‭ ‬ألا‭ ‬يزيد‭ ‬عمر‭ ‬الوزراء‭ ‬عن‭ ‬60‭ ‬عاماً،‭ ‬وأن‭ ‬تتضمن‭ ‬الحكومة‭ ‬وجوهاً‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬والنساء،‭ ‬وتُمثل‭ ‬فيها‭ ‬الأقليات‭.‬

ولكن‭ ‬هذا‭ ‬لم‭ ‬يحدث؛‭ ‬إذ‭ ‬خلا‭ ‬التشكيل‭ ‬الحكومي‭ ‬من‭ ‬الشباب،‭ ‬وجاء‭ ‬أغلب‭ ‬أعضائه‭ ‬بعمر‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬60‭ ‬عاماً،‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬امرأة‭ ‬واحدة‭ ‬هي‭ ‬وزيرة‭ ‬الطرق‭ ‬المهندسة‭ ‬فرزانة‭ ‬صادق،‭ ‬والتي‭ ‬تُعد‭ ‬ثاني‭ ‬وزيرة‭ ‬في‭ ‬الحكومات‭ ‬الإيرانية‭ ‬المتعاقبة‭ ‬منذ‭ ‬نجاح‭ ‬الثورة‭ ‬الإسلامية‭. ‬فيما‭ ‬كانت‭ ‬الوزيرة‭ ‬الأولى‭ ‬هي‭ ‬مرضية‭ ‬وحيد‭ ‬دستجردي‭ ‬التي‭ ‬عُينت‭ ‬وزيرة‭ ‬للصحة‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬2009‭ ‬في‭ ‬الولاية‭ ‬الثانية‭ ‬للرئيس‭ ‬الأسبق‭ ‬محمود‭ ‬أحمدي‭ ‬نجاد‭.‬

كما‭ ‬خلا‭ ‬التشكيل‭ ‬الحكومي‭ ‬الجديد‭ ‬من‭ ‬تمثيل‭ ‬أهل‭ ‬السُّنة،‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬وعد‭ ‬بزشكيان،‭ ‬وذلك‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬اقتراح‭ ‬اسم‭ ‬عماد‭ ‬حسيني‭ ‬كوزير‭ ‬سُني‭ ‬لوزارة‭ ‬النفط؛‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬دعا‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الإصلاحية‭ ‬إلى‭ ‬مطالبة‭ ‬الرئيس‭ ‬بتوضيح‭ ‬موقفه‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬وزير‭ ‬سُني‭. ‬كما‭ ‬فتح‭ ‬غياب‭ ‬السُّنة‭ ‬عن‭ ‬الحكومة‭ ‬الباب‭ ‬للتساؤل‭ ‬حول‭ ‬استشعار‭ ‬بزشكيان‭ ‬عدم‭ ‬أهمية‭ ‬وجود‭ ‬ممثل‭ ‬لهم،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تهدد‭ ‬فيه‭ ‬طهران‭ ‬بالثأر‭ ‬لمقتل‭ ‬إسماعيل‭ ‬هنية،‭ ‬رئيس‭ ‬المكتب‭ ‬السياسي‭ ‬لحركة‭ ‬حماس‭. ‬فيما‭ ‬أشارت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬اعتماد‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تشكيل‭ ‬الحكومة‭ ‬الجديدة‭ ‬يمكنه‭ ‬أن‭ ‬يعالج‭ ‬جزئياً‭ ‬الشرخ‭ ‬داخل‭ ‬منظومة‭ ‬الحكم،‭ ‬لكنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يعالج‭ ‬الشرخ‭ ‬بين‭ ‬الشعب‭ ‬والسلطة‭.‬

مع‭ ‬التسليم‭ ‬بأن‭ ‬التشكيل‭ ‬الوزاري‭ ‬الجديد‭ ‬لم‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬إجماع‭ ‬كلا‭ ‬التيارين‭ ‬الأصولي‭ ‬والإصلاحي؛‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬سيطرة‭ ‬أي‭ ‬منهما‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الحكومة؛‭ ‬فإن‭ ‬الجدل‭ ‬حول‭ ‬أعضائها‭ ‬سيظل‭ ‬ملاحقاً‭ ‬لها،‭ ‬حتى‭ ‬مع‭ ‬حصول‭ ‬كامل‭ ‬أعضائها‭ ‬على‭ ‬ثقة‭ ‬البرلمان‭. ‬وفي‭ ‬ذلك‭ ‬مفارقة‭ ‬واضحة؛‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬آخر‭ ‬رئيس‭ ‬إيراني‭ ‬حصلت‭ ‬حكومته‭ ‬المقترحة‭ ‬بالكامل‭ ‬على‭ ‬ثقة‭ ‬البرلمان‭ ‬كان‭ ‬محمد‭ ‬خاتمي،‭ ‬الإصلاحي‭ ‬أيضاً‭. ‬بينما‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬رفض‭ ‬البرلمان‭ ‬منح‭ ‬ثقته‭ ‬لأربعة‭ ‬مرشحين‭ ‬في‭ ‬حكومة‭ ‬المتشدد‭ ‬أحمدي‭ ‬نجاد،‭ ‬ولثلاثة‭ ‬مرشحين‭ ‬في‭ ‬حكومة‭ ‬المعتدل‭ ‬روحاني،‭ ‬ولمرشح‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬حكومة‭ ‬الراحل‭ ‬رئيسي‭. ‬ولهذا‭ ‬دلالة‭ ‬واضحة‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬الإصلاحي‭ ‬عادةً‭ ‬ما‭ ‬يضع‭ ‬في‭ ‬اعتباره‭ ‬المواجهات‭ ‬المحتملة‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬كوادر‭ ‬التيار‭ ‬المتشدد‭ ‬في‭ ‬مفاصل‭ ‬الدولة‭ ‬وأجهزتها؛‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬يحرص‭ ‬على‭ ‬كسب‭ ‬أرضية‭ ‬من‭ ‬التوافق‭ ‬قد‭ ‬تمكنه‭ ‬من‭ ‬السيطرة‭ ‬المسبقة‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬عراقيل‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬أكد‭ ‬بزشكيان،‭ ‬في‭ ‬خطاباته‭ ‬أمام‭ ‬البرلمان،‭ ‬أنه‭ ‬مستعد‭ ‬للتنازل‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬التوافق،‭ ‬قائلاً‭: ‬‮«‬كان‭ ‬في‭ ‬ذهني‭ ‬مرشحون‭ ‬مثاليون،‭ ‬ولكن‭ ‬عندما‭ ‬رأيت‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬اتفاق‭ ‬بشأنهم،‭ ‬تراجعت‮»‬،‭ ‬مضيفاً‭: ‬‮«‬الاتفاق‭ ‬أهم‭ ‬بالنسبة‭ ‬لي‭ ‬من‭ ‬المرشحين‭ ‬المثاليين‮»‬،‭ ‬ومتعهداً‭ ‬بـ«المُضي‭ ‬قدماً‭ ‬في‭ ‬الوحدة‮»‬‭.‬

وقد‭ ‬أدى‭ ‬تراجع‭ ‬بزشكيان‭ ‬عن‭ ‬تمسكه‭ ‬بالأسماء‭ ‬التي‭ ‬اقترحها‭ ‬ظريف‭ ‬إلى‭ ‬استقالة‭ ‬الأخير،‭ ‬التي‭ ‬قدمها‭ ‬للرأي‭ ‬العام‭ ‬الإيراني‭ ‬عبر‭ ‬صفحته‭ ‬على‭ ‬موقع‭ ‬‮«‬إكس‮»‬،‭ ‬بعد‭ ‬نحو‭ ‬10‭ ‬أيام‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬تعيينه‭ ‬نائباً‭ ‬للرئيس‭ ‬الإيراني‭ ‬للشؤون‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬مؤكداً‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬تنفيذ‭ ‬وعوده؛‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬لا‭ ‬يمكنه‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬منصبه‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬خسارة‭ ‬بزشكيان‭ ‬لأهم‭ ‬حلفائه،‭ ‬وهو‭ ‬ظريف،‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬حصوله‭ ‬على‭ ‬توافق‭ ‬أعضاء‭ ‬البرلمان‭ ‬لبدء‭ ‬حكومته‭ ‬في‭ ‬تسيير‭ ‬أعمالها،‭ ‬وسط‭ ‬تحديات‭ ‬عدة‭ ‬داخلية‭ ‬وخارجية‭ ‬تفرض‭ ‬نفسها‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬وتحديات‭ ‬يواجهها‭ ‬الرئيس‭ ‬الجديد،‭ ‬ولاسيما‭ ‬أن‭ ‬أغلب‭ ‬سلطاته‭ ‬مقيدة‭ ‬في‭ ‬أيدي‭ ‬جهات‭ ‬أخرى‭ ‬نافذة‭ ‬غير‭ ‬الحكومة‭.‬

ففي‭ ‬تحليل‭ ‬نشرته‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬وول‭ ‬ستريت‭ ‬جورنال‮»‬‭ ‬الأمريكية‭ ‬يوم‭ ‬6‭ ‬يوليو‭ ‬الماضي،‭ ‬بعنوان‭: ‬‮«‬الناخبون‭ ‬الإيرانيون‭ ‬ينتخبون‭ ‬أول‭ ‬رئيس‭ ‬إصلاحي‭ ‬منذ‭ ‬عقدين‭ ‬من‭ ‬الزمن‮»‬،‭ ‬رأى‭ ‬التحليل‭ ‬أن‭ ‬سماح‭ ‬خامنئي‭ ‬بفوز‭ ‬مرشح‭ ‬إصلاحي‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬بعد‭ ‬عقدين‭ ‬من‭ ‬آخر‭ ‬رئيس‭ ‬إصلاحي‭ ‬وهو‭ ‬محمد‭ ‬خاتمي،‭ ‬يعكس‭ ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬لجأ‭ ‬لخيار‭ ‬أكثر‭ ‬أماناً‭ ‬بعد‭ ‬إقصاء‭ ‬الإصلاحيين‭ ‬وانفراد‭ ‬الأصوليين‭ ‬بالسلطة؛‭ ‬مما‭ ‬نتج‭ ‬عنه‭ ‬أزمات‭ ‬سياسية‭ ‬واجتماعية‭ ‬كبرى‭ ‬عبرت‭ ‬عنها‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬2022‭.‬

وفي‭ ‬المُجمل،‭ ‬لن‭ ‬يستطيع‭ ‬الرئيس‭ ‬الإصلاحي‭ ‬الحالي‭ ‬الفكاك‭ ‬من‭ ‬قبضة‭ ‬النظام‭ ‬الأصولي،‭ ‬أو‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬عباءة‭ ‬المرشد،‭ ‬الذي‭ ‬سمح‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ ‬بوجود‭ ‬مرشح‭ ‬إصلاحي‭ ‬للرئاسة،‭ ‬ووافق‭ ‬مسبقاً‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬أعضاء‭ ‬الحكومة‭ ‬بل‭ ‬وشارك‭ ‬في‭ ‬تكوينها،‭ ‬باعتراف‭ ‬بزشكيان‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مناسبة،‭ ‬ولاسيما‭ ‬أن‭ ‬الوزارات‭ ‬السيادية‭ ‬اختياراتها‭ ‬بيد‭ ‬المرشد‭ ‬عُرفاً،‭ ‬وهي‭ ‬الاستخبارات،‭ ‬والخارجية،‭ ‬والداخلية،‭ ‬والدفاع،‭ ‬والنفط‭.‬

وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬مؤشرات‭ ‬إيجابية‭ ‬في‭ ‬التشكيل‭ ‬الحكومي،‭ ‬ومنها‭ ‬تولي‭ ‬عباس‭ ‬عراقجي‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية،‭ ‬وتعيين‭ ‬الإصلاحية‭ ‬زهرة‭ ‬بهروز‭ ‬آذار‭ ‬نائبة‭ ‬للرئيس‭ ‬لشؤون‭ ‬المرأة‭ ‬والأسرة،‭ ‬وهي‭ ‬أحد‭ ‬منتقدي‭ ‬شرطة‭ ‬الأخلاق‭ ‬وممارساتها؛‭ ‬فإن‭ ‬ثمة‭ ‬احتمالات‭ ‬قائمة‭ ‬بشأن‭ ‬تخفيف‭ ‬الضغوط‭ ‬الخارجية‭ ‬والداخلية‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬سياسات‭ ‬أكتر‭ ‬مرونة‭. ‬فمع‭ ‬منح‭ ‬عراقجي‭ ‬الثقة‭ ‬كوزير‭ ‬للخارجية،‭ ‬يُنظر‭ ‬إلى‭ ‬دوره‭ ‬في‭ ‬مفاوضات‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬وما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقدمه‭ ‬من‭ ‬جهود‭ ‬لتحييد‭ ‬العقوبات‭ ‬على‭ ‬طهران،‭ ‬مع‭ ‬تأكيده‭ ‬أنه‭ ‬ملتزم‭ ‬بنهج‭ ‬المرشد‭ ‬الأعلى‭ ‬وتوجيهاته‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية؛‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فإن‭ ‬اختيار‭ ‬عراقجي‭ ‬لوزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬ربما‭ ‬يعكس‭ ‬رغبة‭ ‬الحكومة‭ ‬الحالية‭ ‬في‭ ‬عودة‭ ‬المفاوضات‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والغرب،‭ ‬خاصةً‭ ‬أن‭ ‬نجاح‭ ‬مساعي‭ ‬تحسين‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬مشروط‭ ‬بحل‭ ‬الأزمة‭ ‬مع‭ ‬واشنطن‭ ‬ورفع‭ ‬العقوبات‭ ‬عن‭ ‬طهران‭.‬

فيما‭ ‬يظل‭ ‬دور‭ ‬نائبة‭ ‬الرئيس‭ ‬لشؤون‭ ‬المرأة‭ ‬والأسرة،‭ ‬زهرة‭ ‬بهروز،‭ ‬مرهوناً‭ ‬بمدى‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬امتصاص‭ ‬غضب‭ ‬النساء‭ ‬والأسر‭ ‬المتضررة‭ ‬من‭ ‬سياسات‭ ‬شرطة‭ ‬الأخلاق،‭ ‬ولاسيما‭ ‬مع‭ ‬تجدد‭ ‬ممارساتها‭ ‬العنيفة،‭ ‬ونشر‭ ‬فيديو‭ ‬مؤخراً‭ ‬يظهر‭ ‬التعدي‭ ‬على‭ ‬فتاتين‭ ‬بالضرب‭ ‬المبرح‭ ‬والسحل‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬الاعتقال،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬إحداهن‭ ‬تبلغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬14‭ ‬عاماً‭ ‬فقط،‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تعهد‭ ‬بزشكيان‭ ‬بوقف‭ ‬عمل‭ ‬هذه‭ ‬الوحدة‭ ‬الشرطية،‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬سبل‭ ‬أخرى‭ ‬لإقناع‭ ‬الفتيات‭ ‬بالحجاب‭.‬

أما‭ ‬القضايا‭ ‬الكبرى‭ ‬مثل‭ ‬الصراع‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل،‭ ‬فيظل‭ ‬تأثير‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرار‭ ‬بشأنها‭ ‬هو‭ ‬الأضعف‭ ‬مقارنةً‭ ‬بالمرشد‭ ‬الأعلى‭ ‬وقيادات‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬وطبقاً‭ ‬لما‭ ‬نشرته‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬تلغراف‮»‬‭ ‬البريطانية‭ ‬يوم‭ ‬9‭ ‬أغسطس‭ ‬الجاري،‭ ‬فإن‭ ‬الرئيس‭ ‬الإيراني‭ ‬الجديد‭ ‬يخوض‭ ‬معركة‭ ‬مع‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬لمنع‭ ‬اندلاع‭ ‬حرب‭ ‬شاملة‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭. ‬فبينما‭ ‬يدفع‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬باتجاه‭ ‬شن‭ ‬هجوم‭ ‬صاروخي‭ ‬واسع‭ ‬ومباشر‭ ‬على‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬ومدن‭ ‬أخرى،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬استهداف‭ ‬منشآت‭ ‬عسكرية،‭ ‬يفضل‭ ‬بزشكيان‭ ‬توجيه‭ ‬ضربات‭ ‬للقواعد‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المنتشرة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬القرار‭ ‬النهائي‭ ‬الذي‭ ‬سيحدد‭ ‬كيفية‭ ‬وموعد‭ ‬الرد‭ ‬الإيراني‭ ‬سيكون‭ ‬بيد‭ ‬خامنئي‭.‬

ختاماً،‭ ‬تظل‭ ‬الحقيقة‭ ‬الثابتة‭ ‬في‭ ‬هيكل‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬المرشد‭ ‬الأعلى‭ ‬واضع‭ ‬السياسات‭ ‬ومتخذ‭ ‬القرارات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية،‭ ‬وأن‭ ‬وجود‭ ‬رئيس‭ ‬إصلاحي‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬تغيير‭ ‬نهج‭ ‬النظام‭ ‬الحاكم،‭ ‬وإنما‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تبني‭ ‬سياسات‭ ‬أكثر‭ ‬مرونة‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬توجهاته‭ ‬الثابتة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭.‬

{‭ ‬خبيرة‭ ‬بمركز‭ ‬الأهرام‭ ‬للدراسات‭ ‬السياسية‭ ‬والاستراتيجية‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا