العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

هل نشهد نهاية النفوذ الإيراني في المنطقة؟

بقلم: باسم برهوم {

الجمعة ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٤ - 02:00

تطورات‭ ‬متسارعة‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬السورية،‭ ‬وهي‭ ‬سريعة‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬تعجز‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬عن‭ ‬متابعتها،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يكتب‭ ‬اليوم‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يصلح‭ ‬غدا‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬استنتاجات‭ ‬مكتملة،‭ ‬ولكن‭ ‬الواقع‭ ‬العام‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬القوى‭ ‬المسلحة‭ ‬التي‭ ‬تقدمت‭ ‬بسرعة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬ونجحت‭ ‬في‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬العاصمة‭ ‬دمشق‭ ‬خلال‭ ‬وقت‭ ‬قصير‭ ‬هي‭ ‬النقيض‭ ‬للقوى‭ ‬المحسوبة‭ ‬على‭ ‬إيران‭. ‬بالمقابل‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬القوى‭ ‬المتناقضة‭ ‬فيما‭ ‬بينها‭ ‬تتبع‭ ‬دولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تعقد‭ ‬صفقات‭ ‬من‭ ‬الأعلى‭ ‬قد‭ ‬تؤثر‭ ‬مباشرة‭ ‬على‭ ‬مسار‭ ‬الأحداث،‭ ‬ولكن‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬توازنات‭ ‬جديدة‭.‬

في‭ ‬نظرة‭ ‬للواقع‭ ‬السوري‭ ‬اليوم،‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬تركيا‭ ‬تقوم‭ ‬عمليا‭ ‬بمهمة‭ ‬تقليص‭ ‬النفوذ‭ ‬الايراني‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬تصفيته‭ ‬تماما‭ ‬في‭ ‬سوريا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬قرارا‭ ‬دوليا‭ ‬بإعادة‭ ‬إيران‭ ‬إلى‭ ‬داخل‭ ‬حدودها،‭ ‬وخصوصا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬خسرت‭ ‬نفوذها‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬وتراجع‭ ‬نفوذها‭ ‬في‭ ‬لبنان‭.‬

وعلينا‭ ‬أن‭ ‬نتذكر‭ ‬أن‭ ‬التمدد‭ ‬الإيراني‭ ‬بدأ‭ ‬منذ‭ ‬اللحظة‭ ‬التي‭ ‬سقط‭ ‬فيها‭ ‬نظام‭ ‬صدام‭ ‬حسين‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬ومع‭ ‬الاحتلال‭ ‬الأمريكي‭ ‬لهذا‭ ‬البلد‭ ‬عام‭ ‬2003،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬التحالف،‭ ‬أو‭ ‬التفاهم‭ ‬الضمني،‭ ‬تفاهم‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬المصلحة‭ ‬المشتركة‭ ‬بين‭ ‬أمريكا‭ ‬وإيران‭ ‬في‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬صدام‭ ‬حسين‭.‬

ولاحقا‭ ‬تعمق‭ ‬التمدد‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬محاربة‭ ‬‮«‬داعش‮»‬‭ ‬والجماعات‭ ‬التكفيرية،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬فريق‭ ‬الجنرال‭ ‬سليماني‭ ‬ضمن‭ ‬القوة‭ ‬البرية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحرب،‭ ‬وفي‭ ‬تلك‭ ‬المرحلة‭ ‬كان‭ ‬الدور‭ ‬الإيراني‭ ‬مرغوبا‭ ‬به‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬توحدت‭ ‬حول‭ ‬هدف‭ ‬وحيد‭ ‬هو‭ ‬هزيمة‭ ‬‮«‬داعش‮»‬‭.‬

‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬تحققت‭ ‬هذه‭ ‬الهزيمة‭ ‬أصبحت‭ ‬طهران‭ ‬تشعر‭ ‬أن‭ ‬لديها‭ ‬فائض‭ ‬قوة‭ ‬يمكنها‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬فرض‭ ‬واقع‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬يخدم‭ ‬مصالحها،‭ ‬وخلال‭ ‬سنوات‭ ‬قليلة‭ ‬أصبحت‭ ‬إيران‭ ‬تتحكم‭ ‬في‭ ‬أربعة‭ ‬عواصم‭ ‬عربية،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬فيها‭ ‬كلمة‭ ‬قوية،‭ ‬بغداد‭ ‬ودمشق‭ ‬وبيروت‭ ‬وصنعاء،‭ ‬وامتلكت‭ ‬أذرعا‭ ‬مسلحة‭ ‬باتت‭ ‬تشكل‭ ‬تهديدا‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭.‬

‭ ‬أما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬فقد‭ ‬استخدمت‭ ‬إيران‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بشكل‭ ‬واسع‭ ‬وجعلت‭ ‬منها‭ ‬الورقة‭ ‬التي‭ ‬تمنحها‭ ‬شرعية‭ ‬للتمدد‭ ‬لمشروعها‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬وصلنا‭ ‬ليوم‭ ‬‮«‬الطوفان‮»‬‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬اكتوبر‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬والذي‭ ‬اعتبر‭ ‬انتهاكا‭ ‬لكل‭ ‬الخطوط‭ ‬الحمراء‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الاحتلال‭ ‬الصهيوني،‭ ‬وبالتالي‭ ‬جاء‭ ‬القرار‭ ‬الدولي‭ ‬بتقليص‭ ‬التمدد‭ ‬الإيراني‭ ‬بل‭ ‬وإعادة‭ ‬إيران‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬قبل‭ ‬عام‭ ‬2003‭.‬

ويمكن‭ ‬أن‭ ‬نشبه‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023‭ (‬الطوفان‭) ‬بالمغامرة‭ ‬التي‭ ‬قادت‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬الوضع‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وقادت‭ ‬إلى‭ ‬حرب‭ ‬غيرت‭ ‬وجه‭ ‬المنطقة‭. ‬فالحرب‭ ‬التي‭ ‬بدأتها‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬غيرت‭ ‬عمليا‭ ‬موازين‭ ‬القوى‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وهذا‭ ‬التطور‭ ‬بالتحديد‭ ‬قاد‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬سوريا‭.‬

ما‭ ‬نراه‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬السوري‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬أن‭ ‬الأكثر‭ ‬استهدافا‭ ‬هو‭ ‬بالأساس‭ ‬النفوذ‭ ‬الإيراني،‭ ‬فالزحف‭ ‬لن‭ ‬يتوقف‭ ‬على‭ ‬أبواب‭ ‬دمشق‭ ‬لإجراء‭ ‬الصفقات‭. ‬فالمجموعات‭ ‬المسلحة‭ ‬مما‭ ‬يسمى‭ ‬‮«‬هيئة‭ ‬تحرير‭ ‬الشام‮»‬‭ ‬تجنبت‭ ‬الاشتباكات‭ ‬مع‭ ‬الروس،‭ ‬وركزت‭ ‬على‭ ‬تطهير‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬ينتشر‭ ‬فيها‭ ‬النفوذ‭ ‬الإيراني‭.‬

وما‭ ‬يجعل‭ ‬المشهد‭ ‬أكثر‭ ‬تعقيدا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الجماعات‭ ‬وزعيمها‭ ‬أبو‭ ‬محمد‭ ‬الجولان‭ ‬هم‭ ‬مصنفون‭ ‬على‭ ‬قائمة‭ ‬الإرهاب‭ ‬الأمريكية‭ ‬والدولية،‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مهمة‭ ‬هذه‭ ‬الجماعات‭ ‬مرحليا‭ ‬ليس‭ ‬حكم‭ ‬سوريا‭ ‬وإنما‭ ‬‮«‬تنظيفها‭ ‬من‭ ‬النفوذ‭ ‬الإيراني‭.‬

مهما‭ ‬يكن‭ ‬الأمر،‭ ‬فإن‭ ‬بعض‭ ‬الجماعات‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬حسابها‭ ‬على‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬تصدر‭ ‬المشهد‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬عدة‭ ‬عقود،‭ ‬قابل‭ ‬للاستخدام‭ ‬مرة‭ ‬تلو‭ ‬أخرى‭ ‬لمحاربة‭ ‬بعضه‭ ‬البعض،‭ ‬والمشكلة‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الحروب‭ ‬تخاض‭ ‬بالعرب‭ ‬وعلى‭ ‬أرض‭ ‬العرب‭ ‬خدمة‭ ‬لأجندات‭ ‬إقليمية‭ ‬ودولية‭. ‬والمشكلة‭ ‬أننا‭ ‬كلما‭ ‬اعتقدنا‭ ‬أننا‭ ‬قد‭ ‬انتهينا‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬حتى‭ ‬يبرز‭ ‬من‭ ‬جديد‭.‬

{ كاتب‭ ‬من‭ ‬فلسطين

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا