العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

التيار المسيحي الصهيوني في أمريكا ودوره في دعم إسرائيل

بقلم: أسعد عبدالرحمن

الأحد ٠١ سبتمبر ٢٠٢٤ - 02:00

عديدة‭ ‬هي‭ ‬المنظمات‭ - ‬الجماعات‭ ‬الصهيونية‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬تلعب‭ ‬دورا‭ ‬محوريا‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬سياسيا‭ ‬واقتصاديا‭ ‬وعلميا‭ ‬وثقافيا،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬أعضاء‭ ‬هذه‭ ‬المنظمات‭ - ‬الجماعات‭ ‬نشطاء‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬الحركات‭ ‬السياسية،‭ ‬ولهم‭ ‬نفوذهم‭ ‬في‭ ‬الحزبين‭ ‬الديمقراطي‭ ‬والجمهوري،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬تزايد‭ ‬قوتهم‭ ‬الانتخابية‭ ‬وتأثيرهم‭ ‬على‭ ‬صناعة‭ ‬القرار‭ ‬السياسي‭ ‬المؤيد‭ ‬لإسرائيل‭. ‬هذا،‭ ‬ولطالما‭ ‬عمل‭ ‬هذا‭ ‬اللوبي‭ ‬جاهداً‭ ‬لجعل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬منحازة‭ ‬دوماً‭ ‬للدولة‭ ‬الصهيونية،‭ ‬وتأكيد‭ ‬أن‭ ‬‮«‬دولة‭ ‬إسرائيل‮»‬‭ ‬ذات‭ ‬موقع‭ ‬استراتيجي‭ ‬مهم‭ ‬بالنسبة‭ ‬الى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬والادعاء‭ ‬بأنها‭ ‬تكاد‭ ‬تشكل‭ ‬الحليف‭ ‬الفعلي‭ ‬الأوحد‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭!!! ‬لا‭ ‬بل‭ ‬والحليف‭ ‬الذي‭ ‬يوفر‭ ‬الحماية‭ ‬للمصالح‭ ‬الأمريكية‭!!! ‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يشهد‭ ‬فيه‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الأمريكي‭ ‬تحولات‭ ‬لافتة‭ ‬تجاه‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وتراجع‭ ‬نسب‭ ‬التأييد‭ ‬لإسرائيل‭ ‬عند‭ ‬شرائح‭ ‬وازنة‭ ‬داخل‭ ‬وخارج‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬القوى‭ ‬التقدمية‭ ‬والشباب‭ ‬والأقليات‭ ‬العرقية؛‭ ‬تتزايد‭ ‬نسب‭ ‬الدعم‭ ‬لإسرائيل‭ ‬داخل‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬مع‭ ‬تصاعد‭ ‬نفوذ‭ ‬التيار‭ ‬المسيحي‭ ‬الصهيوني‭ ‬الذي‭ ‬يمثل‭ ‬قطاعا‭ ‬عريضا‭ ‬من‭ ‬أنصار‭ ‬ذلك‭ ‬الحزب،‭ ‬كما‭ ‬يمثل‭ ‬نحو‭ ‬ثلث‭ ‬الهيئة‭ ‬الناخبة‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬علماً‭ ‬بأن‭ ‬المسيحيين‭ ‬الانجيليين‭ ‬يشكلون‭ ‬نحو‭ ‬40%‭ ‬من‭ ‬الناخبين‭ ‬الجمهوريين‭. ‬ومعلوم‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬التيار‭ ‬أصبح‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬الأخيرة‭ ‬أهم‭ ‬مناصر‭ ‬لإسرائيل‭ ‬ولسياساتها‭ ‬اليمينية‭ ‬المتشددة‭. ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬يعمل‭ ‬اليمين‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬الحلف‭ ‬السياسي‭ ‬والمالي‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬التيار،‭ ‬الذي‭ ‬يشكل‭ ‬المشروع‭ ‬الصهيوني‭ ‬جزءا‭ ‬مهماً‭ ‬من‭ ‬إيمانهم،‭ ‬والذي‭ ‬يدعم‭ ‬بسط‭ ‬سيادة‭ ‬اليهود‭ ‬على‭ ‬القدس‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وإعادة‭ ‬بناء‭ ‬‮«‬هيكل‭ ‬سليمان‮»‬،‭ ‬ويربط‭ ‬عودة‭ ‬‮«‬شعب‭ ‬إسرائيل‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬أرضه‭ ‬بمجيء‭ ‬‮«‬المسيح‭ ‬المنتظر‮»‬،‭ ‬ويسعى‭ ‬إلى‭ ‬مواءمة‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬مع‭ ‬نبوءات‭ ‬الكتاب‭ ‬المقدس‭ ‬بشأن‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬العودة‭ ‬المقدسة‮»‬،‭ ‬ودعم‭ ‬إسرائيل‭ ‬كلاعب‭ ‬رئيسي‭ ‬في‭ ‬لاهوت‭ ‬آخر‭ ‬الزمان‭!!!‬

وبما‭ ‬أن‭ ‬‮«‬وجود‭ ‬اليهود‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬المقدسة‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬إلهي‮»‬‭ ‬عند‭ ‬هؤلاء‭ ‬المسيحيين‭ ‬الصهيونيين،‭ ‬فإن‭ ‬أي‭ ‬حرب‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬إسرائيل‭ ‬هي‭ ‬بمثابة‭ ‬‮«‬مشيئة‭ ‬إلهية‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬ضوء‭ ‬هذا‭ ‬المعتقد‭ ‬الأعوج،‭ ‬تُعتبر‭ ‬كل‭ ‬حروب‭ ‬إسرائيل‭ ‬مصيرية‭ ‬ومقدسة‭ ‬يجب‭ ‬دعمها‭ ‬ماليا،‭ ‬ولا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تخضع‭ ‬للقوانين‭ ‬الدولية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬كل‭ ‬عملياتها‭ ‬العسكرية‭ ‬واستيلائها‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬في‭ ‬حروبها‭ ‬السابقة،‭ ‬وإبادتها‭ ‬الجماعية،‭ ‬وجرائمها‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭ ‬والقدس‭ ‬مبررة‭ (‬وغيرها‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬مقارفات‭)‬،‭ ‬ويجب‭ ‬الدفاع‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬المحافل‭ ‬السياسية‭ ‬والدولية‭! ‬وهكذا،‭ ‬استفادت‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬من‭ ‬دعم‭ ‬التيار‭ ‬المسيحي‭ ‬الصهيوني‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مستوى‭ ‬أهمها،‭ ‬الأول‭: ‬الدعم‭ ‬السياسي،‭ ‬والثاني‭: ‬الدعم‭ ‬المالي،‭ ‬والثالث‭: ‬تأييدها‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬التزامها‭ ‬بالقانون‭ ‬الدولي‭ ‬والتهرب‭ ‬من‭ ‬تبعاته‭. ‬وليس‭ ‬سرا‭ ‬كون‭ ‬العقيدة‭ ‬البروتستانتية‭ ‬الأصولية،‭ ‬التي‭ ‬اعتنقها‭ ‬غالبية‭ ‬المهاجرين‭ ‬الأوروبيين‭ ‬إلى‭ ‬أمريكا‭ ‬والتي‭ ‬تأثرت‭ ‬كثيرًا‭ ‬بالديانة‭ ‬اليهودية،‭ ‬شكلت‭ ‬بيئة‭ ‬مناسبة‭ ‬لنمو‭ ‬هذا‭ ‬الفكر‭ ‬وانتشاره،‭ ‬هذا‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬طبيعة‭ ‬الشعب‭ ‬الأمريكي‭ ‬المحافظة‭/ ‬‮«‬المتدينة‮»‬‭!!‬

في‭ ‬العقود‭ ‬الأخيرة،‭ ‬تحول‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬إلى‭ ‬المناصر‭ ‬الرئيس‭ ‬للمصالح‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬واشنطن،‭ ‬ونشأ‭ ‬تحالف‭ ‬أيديولوجي‭ ‬وعقائدي‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬اليمينية‭ ‬المتطرفة‭ ‬بقيادة‭ (‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭) ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬وبالأخص‭ ‬القوى‭ ‬المتنفذة‭ ‬من‭ ‬التيار‭ ‬المسيحي‭ ‬الصهيوني‭ ‬داخل‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭. ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬مختلف‭ ‬تيارات‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬تدعم‭ ‬إسرائيل‭/ ‬ومنها‭ ‬تيار‭ ‬‮«‬المحافظين‭ ‬الجدد‮»‬‭ ‬وتيار‭ ‬الوسط‭ ‬فإنه،‭ ‬وبعد‭ ‬صعود‭ (‬دونالد‭ ‬ترامب‭) ‬إلى‭ ‬سدة‭ ‬الحكم‭ ‬عام‭ ‬2016‭ ‬أصبح‭ ‬التيار‭ ‬المسيحي‭ ‬الإنجيلي‭ ‬المحافظ‭ (‬الذي‭ ‬يعرف‭ ‬أيضا‭ ‬بالتيار‭ ‬المسيحي‭ ‬الصهيوني‭) ‬الأكثر‭ ‬تأثيرًا‭ ‬داخل‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬وفيما‭ ‬يخص‭ ‬إسرائيل‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭. ‬وغني‭ ‬عن‭ ‬الذكر،‭ ‬أن‭ ‬المقابل‭ ‬الذي‭ ‬دفعه‭ ‬وسيدفعه‭ ‬ترامب‭ ‬لناخبيه‭ ‬المسيحيين،‭ ‬إذا‭ ‬فاز،‭ ‬سيغير‭ ‬بشكل‭ ‬حاسم‭ ‬الواقع‭ ‬الراهن‭ ‬في‭ ‬إسرائيل،‭ ‬بتشجيع‭ ‬من‭ ‬التحالف‭ ‬اليميني،‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الدول،‭ ‬التي‭ ‬يؤثر‭ ‬فيها‭ ‬الصعود‭ ‬المستمر‭ ‬للجالية‭ ‬الإنجيلية‭ ‬المؤيدة‭ ‬للصهيونية‭ ‬وبالذات‭ ‬في‭ ‬السياسات‭ ‬الداعمة‭ ‬لإسرائيل‭.‬

في‭ ‬السادس‭ ‬من‭ ‬فبراير‭ ‬عام‭ ‬1985،‭ ‬ألقى‭ ‬سفير‭ ‬إسرائيل‭ ‬لدى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬آنذاك‭ (‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭) ‬خطابا‭ ‬أمام‭ ‬المسيحيين‭ ‬الصهاينة،‭ ‬قال‭ ‬فيه‭: ‬‮«‬لقد‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬شوق‭ ‬قديم‭ ‬في‭ ‬تقاليدنا‭ ‬اليهودية‭ ‬للعودة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬أرض‭ ‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬وهذا‭ ‬الحلم‭ ‬الذي‭ ‬يراودنا‭ ‬منذ‭ ‬2000‭ ‬سنة‭ ‬تفجر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المسيحيين‭ ‬الصهيونيين‭. ‬إن‭ ‬المسيحية‭ ‬الصهيونية‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مجرد‭ ‬تيار‭ ‬من‭ ‬الأفكار،‭ ‬إنما‭ ‬مخططات‭ ‬عملية‭ ‬وضعت‭ ‬فعلا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬عودة‭ ‬اليهود‮»‬‭! ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الاستخلاص‭ ‬المبكر‭ ‬وصف‭ ‬دقيق‭ ‬لجانب‭ ‬مهم‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬‮«‬المتمسيحيين‭ ‬المتصهينين‮»‬‭ ‬هؤلاء‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬ودعم‭ ‬وجود‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭!‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا