الكواليس
وفاء جناحي
waffajanahi@gmail.com
نصائح غريبة في زمن أغرب
لا تخلصوا كثيرا في عملكم، لا تتفانوا في حب الأصدقاء والأهل، لا ترفعوا سقف توقعاتك بحب أو تعامل أي إنسان مهما كانت درجة قربه منك، لأن خيبة الأمل الشديدة تؤدي إلى أنك تفقد أهم شيء وهو صحتك أو حياتك كلها.
أخت صديقتي، إنسانة جميلة في نهاية الأربعين من عمرها، أحبت زوجها منذ الصغر وحددت ورسمت لنفسها منذ الصغر أن سعادتها الوحيدة في أسرتها الصغيرة زوجها الذي تعشقه وأولادها الثلاثة، أخلصت لهذا الهدف الوحيد وأفنت عمرها كله وروحها لهم، ولم تفكر ولو لحظة واحدة بأن الدنيا غدارة وأن مملكتها الصغيرة من الممكن أن تنهار في لحظة واحدة لأي سبب كان بسيطا أو كبيرا. لذلك عندما سمعت بخيانة زوجها لم تصدق وحاولت أن تنكر وتقفل أذنها عن كل الكلام الذي يصلها، ولكنه اعترف لها بكل وقاحة بأنه لن يستطيع أن يخدعها أكثر وأنه قرر أن يتزوج عليها، انهار كل عالمها الجميل في لحظة ولم تستطع ان تستوعب أن حب حياتها ومصدر سعادتها الوحيد أصبح أو سيصبح لغيرها، صعقت، ذبلت مرضت المسكينة.
فوجئت منذ أيام بصديقتي تخبرني بأنها ستسافر مع أختها للعلاج ولفترة طويلة فسألتها باستغراب وهبل لماذا؟ قالت لقد أصابها المرض الخبيث ويقول الأطباء إنه من النوع الشرس الذي يأكلها من الداخل بسبب نفسيتها السيئة وانه يحتاج إلى علاج كيماوي مكثف لإيقاف انتشاره!!
لن أنكر أنني صعقت كيف حدث كل ذلك في غضون أشهر قليلة، حيث انني التقيت بأختها منذ 4 أشهر فقط وكانت في غاية الجمال والحيوية والنشاط مليئة بالحب والأمل؟ لماذا انطفأ حب الحياة في روحها لهذه الدرجة؟ لمن ستترك أولادها المراهقين؟ ولماذا يكون زوجها هو الهدف أو المصدر الوحيد لسعادتها؟؟ لماذا تسمح لإنسان خائن أن يدمرها لهذه الدرجة؟
نفس الصدمة حدثت لي عندما سمعت عن صديق عزيز وإنسان جدا محترم تعرض مؤخرا لوعكة صحية أدت إلى إصابته بجلطة وغيبوبة ويقولون ان السبب هو استغناء جهة عمله عنه مع أنه كان مخلصاً ومتفانياً في عمله جدا.
المشكلة أننا أصبحنا في زمن كريه، وأصبحت نصائحنا غريبة، حيث إن الإخلاص والحب والتفاني في العمل لا يقدر أبدا، لذلك يجب ألا نتوقع ولا نزعل عندما نعمل في وزارة او شركة مدة تزيد على 30 سنة ثم نخرج منها بكل سهولة من دون أي كلمة تقدير واحدة، ويجب أن نتوقع أنه مهما عملنا واحببنا وأخلصنا فمن الممكن الاستغناء عنا بكل سهولة لمصلحة العمل أو لأي مصلحة شخصية.
لذلك أنصحكم وكلي أسف، ألا تخلصوا كثيرا في حبكم لأصدقائكم أو أعمالكم ولا تتوقعوا التقدير الجميل، وضعوا لأنفسكم أهدافا أخرى للسعادة كي لا تفقدوا صحتكم وحياتكم في سبيل حب ممكن أن يتغير عبر الزمن. فالقهر من الخذلان أمر بشع، لذلك أكرر.. لا ترفعوا سقف توقعاتكم لأي شخص مهما كان.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك