العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

أخبار البحرين

الفريق جبريل الرجوب أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح يتحدث لـ«أخبار الخليج»:
نثق في جهود جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة الداعمة لفلسطين

أجرى‭ ‬الحوار‭ ‬أحمد‭ ‬عبدالحميد‭:‬

الأحد ٢٢ ديسمبر ٢٠٢٤ - 02:00

مبادرة البحرين لعقد مؤتمر دولي للسلام تتكامل مع مخرجات القمة العربية الإسلامية

الموقف السعودي شكل خطوة اعتراضية مفصلية للمخططات الإسرائيلية التي تحاك ضد القضية الفلسطينية

أمامنا فرصة تاريخية لتحقيق الوحدة الفلسطينية

أقول لكل الفصائل: عليكم أن تسبحوا في الفضاء الفلسطيني الرحب

رهاننا دائما أن تكون الحاضنة العربية هي الجسر لتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني


 

مع‭ ‬بداية‭ ‬عام‭ ‬2025‭ ‬م‭ ‬تحل‭ ‬الذكرى‭ ‬الستين‭ ‬لانطلاقة‭ ‬حركة‭ ‬فتح،‭ ‬تلك‭ ‬الحركة‭ ‬التي‭ ‬شكلت‭ ‬عصب‭ ‬نضال‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬حقوقه‭ ‬المشروعة،‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬العمود‭ ‬الفقري‭ ‬لمنظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭ ‬التي‭ ‬تعدُّ‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬الممثل‭ ‬الشرعي‭ ‬والوحيد‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

ووسط‭ ‬التحولات‭ ‬والمتغيرات‭ ‬المتسارعة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬مازالت‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬هي‭ ‬القضية‭ ‬المحورية‭ ‬الأولى‭ ‬للعالم‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭ ‬والعالم‭ ‬أجمع،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬مفتاح‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي،‭ ‬ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق‭ ‬حرصت‭ ‬‮«‬أخبار‭ ‬الخليج‮»‬‭ ‬على‭ ‬الالتقاء‭ ‬بالفريق‭ ‬جبريل‭ ‬الرجوب‭ ‬أمين‭ ‬سر‭ ‬اللجنة‭ ‬المركزية‭ ‬لحركة‭ ‬فتح‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬للحديث‭ ‬عن‭ ‬رؤيته‭ ‬لمتغيرات‭ ‬الصراع‭ ‬العربي‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬والتحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬الملف‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وخاصة‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬على‭ ‬أحداث‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023م‭ ‬واستمرار‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬أو‭ ‬القدس،‭ ‬ورؤيته‭ ‬للمستقبل‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الجديدة،‭ ‬وكيفية‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الوحدة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬الفصائل‭ ‬والمكونات‭.‬

الفريق‭ ‬الرجوب‭ ‬في‭ ‬لقائه‭ ‬الصريح‭ ‬مع‭ ‬الجريدة‭ ‬طرح‭ ‬عددًا‭ ‬من‭ ‬الرؤى‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬المتكاملة‭ ‬لإنهاء‭ ‬الانقسام‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وحدد‭ ‬ضرورات‭ ‬المرحلة‭ ‬القادمة‭ ‬سواءً‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬الفلسطيني‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬العمق‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬كما‭ ‬عرج‭ ‬على‭ ‬تأثيرات‭ ‬التحولات‭ ‬الجذرية‭ ‬في‭ ‬الجمهورية‭ ‬العربية‭ ‬السورية‭ ‬على‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭.‬

وثمَّن‭ ‬الرجوب‭ ‬عاليا‭ ‬مواقف‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬الداعمة‭ ‬لحق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وأعرب‭ ‬عن‭ ‬تقديره‭ ‬لجهود‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ملك‭ ‬البلاد‭ ‬المعظم‭ ‬رئيس‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الثالثة‭ ‬والثلاثين‭ ‬في‭ ‬مساندة‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭.‬

ونوه‭ ‬إلى‭ ‬أهمية‭ ‬مبادرة‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم‭ ‬لعقد‭ ‬مؤتمر‭ ‬دولي‭ ‬للسلام،‭ ‬مؤكداً‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المبادرة‭ ‬تتكامل‭ ‬مع‭ ‬موقف‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬الذي‭ ‬أعلنته‭ ‬في‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬المشتركة‭ ‬عشية‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬والذي‭ ‬وصفه‭ ‬بالخطوة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الاعتراضية‭ ‬لكل‭ ‬المخططات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تستهدف‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والتي‭ ‬حددت‭ ‬أن‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬هو‭ ‬المسار‭ ‬والمدخل‭ ‬الوحيد‭ ‬لإنهاء‭ ‬الصراع‭ ‬العربي‭ ‬الإسرائيلي‭.. ‬وهذا‭ ‬نص‭ ‬الحوار‭:‬

 

في‭ ‬البداية‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬حجم‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬المتغيرات‭ ‬المتسارعة‭ ‬في‭ ‬المنطقة؟

إن‭ ‬التطورات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬أثرت‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬العرب‭ ‬المركزية‭ ‬قضية‭ ‬فلسطين،‭ ‬وجعلت‭ ‬منها‭ ‬قضية‭ ‬محورية‭ ‬على‭ ‬الأجندة‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬وبات‭ ‬جليا‭ ‬أن‭ ‬إنهاء‭ ‬الصراع‭ ‬العربي‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬يتحقق‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إنهاء‭ ‬معاناة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬بإقامة‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬كاملة‭ ‬السيادة‭ ‬وفق‭ ‬قرارات‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭.‬

ولعل‭ ‬أهم‭ ‬تحول‭ ‬إيجابي‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬أفرزته‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬المشتركة‭ ‬التي‭ ‬عقدت‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية،‭ ‬تلك‭ ‬القمة‭ ‬التي‭ ‬حملت‭ ‬دلالات‭ ‬مهمة،‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬انعقادها‭ ‬عشية‭ ‬إعلان‭ ‬نتائج‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬بالتزامن‭ ‬مع‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬إرادة‭ ‬سعودية‭ ‬ذاتية‭ ‬بتحديد‭ ‬معالم‭ ‬الطريق‭ ‬لإنهاء‭ ‬الصراع،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تأكيد‭ ‬أن‭ ‬قيام‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬هو‭ ‬المسار‭ ‬الوحيد‭ ‬لإقامة‭ ‬علاقات‭ ‬طبيعية‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وهذه‭ ‬رسالة‭ ‬واضحة‭ ‬لنتائج‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬والجمهوريين‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭.‬

ونحن‭ ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬الخطوة‭ ‬السعودية‭ ‬التي‭ ‬أكدها‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬السعودي‭ ‬تشكل‭ ‬قرارًا‭ ‬إستراتيجيًّا،‭ ‬وما‭ ‬تبعها‭ ‬من‭ ‬اجتماع‭ ‬للقمة‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬المشتركة‭ ‬في‭ ‬الرياض‭ ‬في‭ ‬11‭ ‬نوفمبر2024‭ ‬م‭ ‬الماضي،‭ ‬والتي‭ ‬استهدفت‭ ‬خلق‭ ‬حاضنة‭ ‬عربية‭ ‬إسلامية‭ ‬شاملة‭ ‬لصالح‭ ‬الحق‭ ‬الفلسطيني‭.‬

وقد‭ ‬شكل‭ ‬الموقف‭ ‬السعودي‭ ‬خطوة‭ ‬اعتراضية‭ ‬للمخططات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬تجاه‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬ولا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬الثناء‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬الحاسم‭ ‬للمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭.‬

ماذا‭ ‬عن‭ ‬الوضع‭ ‬الفلسطيني‭ ‬ووحدة‭ ‬القرار‭ ‬الفلسطيني‭ ‬تجاه‭ ‬هذه‭ ‬المتغيرات؟

مع‭ ‬الإقرار‭ ‬بأن‭ ‬العامل‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭ ‬له‭ ‬تأثيره،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬بات‭ ‬يتطلب‭ ‬مراجعة‭ ‬للوضع‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وهذا‭ ‬يبدأ‭ ‬بـ«لملمة‮»‬‭ ‬الساحة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وتحقيق‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬الفلسطينية‭.‬

ومفهوم‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬بين‭ ‬فصائل‭ ‬العمل‭ ‬الفلسطيني‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يرتكز‭ ‬على‭ ‬ثلاثة‭ ‬مبادئ،‭ ‬الأول،‭ ‬أنه‭ ‬يحقق‭ ‬وحدة‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وحدة‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬سواء‭ ‬الحكومة‭ ‬أو‭ ‬أجهزة‭ ‬الخدمات‭ ‬والإدارة‭ ‬والإشراف‭ ‬تحت‭ ‬مظلة‭ ‬واحدة‭.‬

أما‭ ‬المبدأ‭ ‬الثاني،‭ ‬فيقوم‭ ‬على‭ ‬إقرار‭ ‬وطني‭ ‬فلسطيني‭ ‬جماعي‭ ‬بقبول‭ ‬قرارات‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬والأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬كمرجع‭ ‬لإنهاء‭ ‬الصراع،‭ ‬تلك‭ ‬القرارات‭ ‬التي‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬عنصر‭ ‬واجب‭ ‬الوجود‭ ‬لإنهاء‭ ‬معادلة‭ ‬الصراع‭.‬

فيما‭ ‬يعتمد‭ ‬المبدأ‭ ‬الثالث‭ ‬على‭ ‬إخراج‭ ‬الساحة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بكل‭ ‬المكونات‭ ‬السياسية‭ ‬والنضالية‭ ‬من‭ ‬التجاذبات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والأجندات‭ ‬الخارجية،‭ ‬وإنهاء‭ ‬أي‭ ‬ارتباط‭ ‬لأي‭ ‬فصيل‭ ‬وطني‭ ‬فلسطيني‭ ‬مع‭ ‬الخارج،‭ ‬وألا‭ ‬يكون‭ ‬امتداداً‭ ‬لأي‭ ‬طرف‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬ماهيته،‭ ‬لأن‭ ‬العقيدة‭ ‬الوطنية‭ ‬والانتماء‭ ‬الوطني‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هو‭ ‬البوصلة‭ ‬عند‭ ‬الجميع‭ ‬بلا‭ ‬استثناء‭.‬

ولذلك‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يلعب‭ ‬العامل‭ ‬العربي‭ ‬والإقليمي‭ ‬دورًا‭ ‬مساعدًا‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬هذه‭ ‬الشروط‭ ‬والمبادئ‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تشكيل‭ ‬ضغط‭ ‬إيجابي‭ ‬لصالح‭ ‬قضيتنا‭ ‬على‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬واليمين‭ ‬الفاشي‭ ‬في‭ ‬إسرائيل،‭ ‬والذي‭ ‬حاول‭ ‬استغلال‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023‭ ‬كمدخل‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬كقضية‭ ‬سياسية‭ ‬دولية‭ ‬وقضية‭ ‬استقلال‭ ‬وإنهاء‭ ‬احتلال،‭ ‬وسعى‭ ‬إلى‭ ‬الاندماج‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بالالتفاف‭ ‬على‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬ومحاولة‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬شكل‭ ‬مقاوم‭ ‬أو‭ ‬رافض‭ ‬للعدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الأحادي‭ ‬الجانب‭ ‬على‭ ‬فلسطين‭ ‬والأراضي‭ ‬العربية‭ ‬والمقدسات‭ ‬الإسلامية‭ ‬والمسيحية‭.‬

لذلك‭ ‬فإن‭ ‬إنهاء‭ ‬الانقسام‭ ‬الفلسطيني‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬أولوياتنا،‭ ‬والانكفاء‭ ‬على‭ ‬الوطنية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وأن‭ ‬تسبح‭ ‬كل‭ ‬الفصائل‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الرحب‭ ‬خارج‭ ‬أي‭ ‬امتدادات‭.‬

ونحن‭ ‬مازلنا‭ ‬نتطلع‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬جهد‭ ‬عربي‭ ‬وإسلامي‭ ‬لتحقيق‭ ‬الوحدة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وهذا‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬ألا‭ ‬نكون‭ ‬مبادرين‭ ‬وألا‭ ‬نكون‭ ‬إيجابيين،‭ ‬وأمام‭ ‬الجميع‭ ‬فرصة‭ ‬تاريخية‭ ‬لن‭ ‬تتكرر‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ما‭ ‬نشهده‭ ‬من‭ ‬تطورات‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬والتي‭ ‬يمكن‭ ‬توظيفها‭ ‬لصالح‭ ‬مشروعنا‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬مشروع‭ ‬كل‭ ‬الأمة‭ ‬العربية،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الظروف‭ ‬الصعبة‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬كل‭ ‬الأطراف‭ ‬العربية،‭ ‬لأن‭ ‬فلسطين‭ ‬تبقى‭ ‬هي‭ ‬الشفرة‭ ‬الجينية‭ ‬كقضية‭ ‬مركزية‭ ‬عند‭ ‬كل‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين‭ ‬وكل‭ ‬أحرار‭ ‬العالم‭.‬

هل‭ ‬يوجد‭ ‬أرضية‭ ‬مشتركة‭ ‬بين‭ ‬الفصائل‭ ‬الفلسطينية‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬طرحته‭ ‬من‭ ‬أفكار‭ ‬ومبادئ‭ ‬لرأب‭ ‬الصدع‭ ‬الفلسطيني؟

أعتقد‭ ‬أنه‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬مازال‭ ‬هناك‭ ‬خللٌ‭ ‬في‭ ‬الحالة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬مبادرة‭ ‬فلسطينية،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬تأتي‭ ‬هذه‭ ‬المبادرة‭ ‬من‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وتكون‭ ‬واضحة‭ ‬للجميع،‭ ‬وتحمل‭ ‬رسالة‭ ‬للقوى‭ ‬الفلسطينية‭ ‬خارج‭ ‬المنظمة‭ ‬بأن‭ ‬تقوم‭ ‬بمراجعات‭ ‬وتستجيب‭ ‬للأسباب‭ ‬والشروط‭ ‬التي‭ ‬تحقق‭ ‬الوحدة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬تحت‭ ‬مظلة‭ ‬المنظمة‭ ‬بكل‭ ‬التزاماتها‭ ‬تجاه‭ ‬العامل‭ ‬الوطني‭ ‬والعامل‭ ‬الإقليمي‭ ‬والعامل‭ ‬الدولي،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬رؤى‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬آليات‭ ‬في‭ ‬الموقف‭ ‬العربي‭.‬

وأتمنى‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬أطراف‭ ‬إقليمية‭ ‬أدورًا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬مصر‭ ‬بدورها‭ ‬وثقلها،‭ ‬ومصالحها‭ ‬وأمنها‭ ‬القومي،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أطراف‭ ‬أخرى،‭ ‬وعلينا‭ ‬أن‭ ‬نخرج‭ ‬من‭ ‬مرحلة‭ ‬العواطف‭ ‬والأماني‭ ‬إلى‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬عملية‭ ‬تنفيذية،‭ ‬لأن‭ ‬إنهاء‭ ‬الصراع‭ ‬وتجسيد‭ ‬السيادة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وإفشال‭ ‬المشروع‭ ‬اليميني‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬هو‭ ‬المدخل‭ ‬الفاعل‭ ‬والمؤثر‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬الإقليمي‭ ‬والإسهام‭ ‬في‭ ‬السلم‭ ‬العالمي‭.‬

وهناك‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬الإجماع‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المحافل‭ ‬والمنابر‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬حل‭ ‬الصراع‭ ‬وجوهره‭ ‬فلسطين‭ ‬وإقامة‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وهذه‭ ‬فرصة‭ ‬تاريخية‭ ‬أمام‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وأمام‭ ‬عمقنا‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭.‬

المتابع‭ ‬للشأن‭ ‬الفلسطيني‭ ‬يرصد‭ ‬استمرار‭ ‬وجود‭ ‬فجوة‭ ‬بين‭ ‬الفصائل‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وتباين‭ ‬في‭ ‬الآراء‭ ‬بين‭ ‬الضفة‭ ‬وغزة‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬المشهد،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتبلور‭ ‬في‭ ‬فشل‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬المبادرات‭ ‬للتقارب،‭ ‬وآخرها‭ ‬الفشل‭ ‬في‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬تشكيل‭ ‬لجنة‭ ‬لإدارة‭ ‬غزة؟

من‭ ‬وجهة‭ ‬نظري‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬اللجنة‭ ‬كانت‭ ‬وصفة‭ ‬لتكريس‭ ‬الانقسام،‭ ‬وأعتبرها‭ ‬المسمار‭ ‬الأخير‭ ‬في‭ ‬نعش‭ ‬قيام‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬لأن‭ ‬أي‭ ‬خطوة‭ ‬مستقبلية‭ ‬لا‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬وحدة‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1967،‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬والقدس‭ ‬وغزة،‭ ‬كما‭ ‬لا‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬وحدة‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬كراعٍ‭ ‬ومظلة‭ ‬سياسية‭ ‬للهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬لكل‭ ‬القوى‭ ‬السياسية،‭ ‬وأداة‭ ‬خدماتية‭ ‬ممثلة‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬أحد‭ ‬أذرع‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير،‭ ‬كي‭ ‬تشرف‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬لكل‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬فلسطين‭ ‬من‭ ‬رفح‭ ‬إلى‭ ‬جنين،‭ ‬تعدُّ‭ ‬خطأ‭.‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬هذه‭ ‬اللجنة‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تأتي‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬تفاهمات‭ ‬بين‭ ‬فتح‭ ‬وحماس،‭ ‬ولكن‭ ‬الأمر‭ ‬يتطلب‭ ‬إرادة‭ ‬دولية،‭ ‬وقرارا‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬مدعوما‭ ‬بوقف‭ ‬كل‭ ‬الأعمال‭ ‬العدائية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بحق‭ ‬كل‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والمقدسات‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬وأعمال‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬ووقف‭ ‬كل‭ ‬مظاهر‭ ‬الاستيطان‭ ‬والاجتياحات‭ ‬والاغتيالات،‭ ‬والكف‭ ‬عن‭ ‬مصادرة‭ ‬الأراضي‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وشرق‭ ‬القدس‭.‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬وجود‭ ‬إرادة‭ ‬دولية‭ ‬لوضع‭ ‬خطة‭ ‬مارشال‭ ‬لإعادة‭ ‬الإعمار‭ ‬والبناء‭ ‬وتوفير‭ ‬كل‭ ‬أسباب‭ ‬الصمود‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬2.5‭ ‬مليون‭ ‬فلسطيني،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬90‭% ‬من‭ ‬أهالي‭ ‬غزة‭ ‬بلا‭ ‬مأوى‭ ‬وبلا‭ ‬مسكن،‭ ‬وبلا‭ ‬مقومات‭ ‬الحياة‭.‬

أما‭ ‬الركيزة‭ ‬الثالثة‭ ‬فتتمثل‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬أفق‭ ‬سياسي‭ ‬لإنهاء‭ ‬الاحتلال،‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الركائز‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تعطي‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الأمل‭.‬

أما‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬تشكيل‭ ‬لجنة‭ ‬إدارية‭ ‬لغزة‭ ‬بين‭ ‬فتح‭ ‬وحماس،‭ ‬فلا‭ ‬يعد‭ ‬مدخلاً‭ ‬إيجابياً‭ ‬للتفاهمات،‭ ‬لأن‭ ‬السبيل‭ ‬لتحقيق‭ ‬ذلك‭ ‬يبنى‭ ‬على‭ ‬وحدة‭ ‬الأراضي‭ ‬ووحدة‭ ‬النظام‭ ‬ووحدة‭ ‬الخدمات،‭ ‬مدعوما‭ ‬بقرار‭ ‬لوقف‭ ‬الحرب‭ ‬والعدوان‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬ومقدساتهم،‭ ‬وتوفير‭ ‬موارد‭ ‬مالية‭ ‬مع‭ ‬أفق‭ ‬سياسي‭ ‬ملزم‭ ‬لهذا‭ ‬الاحتلال‭ ‬الذي‭ ‬يواصل‭ ‬استباحة‭ ‬الأراضي‭ ‬ويقدم‭ ‬مشاريع‭ ‬لضم‭ ‬المزيد‭ ‬منها،‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬مصادرة‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الدونمات‭ ‬وبناء‭ ‬آلاف‭ ‬من‭ ‬الوحدات‭ ‬الاستيطانية‭ ‬أو‭ ‬بإجراءات‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬لخنق‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

ونحن‭ ‬نعلم‭ ‬أن‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬أهلنا‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والهدف‭ ‬هو‭ ‬فرض‭ ‬السيادة‭ ‬على‭ ‬القدس‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬السلوك‭ ‬والأداء‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يرتقي‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬التحدي،‭ ‬لأننا‭ ‬أمام‭ ‬عدو‭ ‬هو‭ ‬آخر‭ ‬وأسوأ‭ ‬نسخة‭ ‬من‭ ‬الفاشية‭ ‬في‭ ‬أربعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬لأنه‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يعترف‭ ‬بوجود‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬ولا‭ ‬بحقه‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬مصيره،‭ ‬ويتصرف‭ ‬كـ«أزعر‭ ‬الحارة‭ ‬‮»‬‭ ‬البلطجي،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬أقرب‭ ‬أصدقائهم‭ ‬باتوا‭ ‬يدركون‭ ‬أن‭ ‬مشروعهم‭ ‬الاستيطاني‭ ‬أصبح‭ ‬عبئاً‭ ‬على‭ ‬مصالحهم‭ ‬ومبادئهم‭ ‬وأمنهم‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬أو‭ ‬أوروبا‭ ‬أو‭ ‬آسيا‭ ‬أو‭ ‬إفريقيا‭. ‬

حماس‭ ‬تتهم‭ ‬فتح‭ ‬بالتخلي‭ ‬عن‭ ‬خيار‭ ‬المقاومة؟

المقاومة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬حركة‭ ‬فتح،‭ ‬كانت‭ ‬ومازالت‭ ‬خيارًا‭ ‬استراتيجيًّا،‭ ‬وفي‭ ‬الظرف‭ ‬الحالي‭ ‬نحن‭ ‬مقتنعون‭ ‬أن‭ ‬المقاومة‭ ‬الشعبية‭ ‬الشاملة‭ ‬التي‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬كل‭ ‬أسباب‭ ‬الصمود‭ ‬والبقاء‭ ‬لشعبنا‭ ‬الفلسطيني‭ ‬عنصر‭ ‬حاسم‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬المقاومة،‭ ‬لأن‭ ‬استمرار‭ ‬هذا‭ ‬الشعب‭ ‬هو‭ ‬قوة‭ ‬قضية‭ ‬فلسطين‭.‬

وفتح‭ ‬لم‭ ‬تسقط‭ ‬خيار‭ ‬المقاومة،‭ ‬بل‭ ‬ستظل‭ ‬خيارًا‭ ‬قائمًا،‭ ‬ولكننا‭ ‬نؤمن‭ ‬أن‭ ‬صمودنا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المقاومة‭ ‬الشعبية‭ ‬الشاملة‭ ‬التي‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬رفض‭ ‬هذا‭ ‬الاحتلال‭ ‬الذي‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬جرنا‭ ‬إلى‭ ‬مربعات‭ ‬علينا‭ ‬ألا‭ ‬ننجر‭ ‬إليها،‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬المقاومة‭ ‬ستظل‭ ‬خيارًا‭ ‬استراتيجيًّا‭ ‬وفق‭ ‬مقتضيات‭ ‬كل‭ ‬مرحلة‭.‬

وبدأ‭ ‬قناع‭ ‬الاحتلال‭ ‬ينكشف‭ ‬أمام‭ ‬العالم،‭ ‬وبات‭ ‬يعلم‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬الضحية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬الذي‭ ‬يسقط‭ ‬فيه‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال‭ ‬والضحايا‭ ‬على‭ ‬مذبح‭ ‬مسيرة‭ ‬التحرير‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬هذا‭ ‬الاحتلال‭.‬

وصمود‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬المقاوم‭ ‬ببقائهم،‭ ‬وليس‭ ‬بخلق‭ ‬ظروف‭ ‬تبرر‭ ‬أفعال‭ ‬هذا‭ ‬الاحتلال‭ ‬المدان‭ ‬كمجرم‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭.‬

كيف‭ ‬تنظرون‭ ‬إلى‭ ‬دور‭ ‬الرئيس‭ ‬الفلسطيني‭ ‬محمود‭ ‬عباس‭ ‬أبو‭ ‬مازن‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬في‭ ‬رأب‭ ‬الصدع‭ ‬مع‭ ‬حركة‭ ‬حماس؟

نحن‭ ‬فتحاويون‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬الإرث‭ ‬للقيادة‭ ‬التاريخية‭ ‬للأخ‭ ‬محمود‭ ‬عباس‭ ‬أبو‭ ‬مازن‭ ‬الذي‭ ‬يشكل‭ ‬آخر‭ ‬رموزها‭ ‬بما‭ ‬يحمله‭ ‬من‭ ‬عبء‭ ‬المسؤولية‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬دائماً‭ ‬على‭ ‬بوصلة‭ ‬واضحة‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬هي‭ ‬الهدف،‭ ‬والصدام‭ ‬مع‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬هو‭ ‬الوسيلة‭.‬

وهذه‭ ‬هي‭ ‬إستراتيجية‭ ‬حركة‭ ‬فتح‭ ‬التي‭ ‬سوف‭ ‬تحتفل‭ ‬بعد‭ ‬أيام‭ ‬بالذكرى‭ ‬الستين‭ ‬لتأسيسها،‭ ‬وهذه‭ ‬الإستراتيجية‭ ‬مازالت‭ ‬صالحة‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭.‬

وأبو‭ ‬مازن‭ ‬بما‭ ‬يحمله‭ ‬من‭ ‬إرث،‭ ‬أعتقد‭ ‬أنه‭ ‬آخر‭ ‬العمالقة‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬أن‭ ‬نبني‭ ‬صرح‭ ‬الوحدة‭ ‬المرتكزة‭ ‬على‭ ‬أهداف‭ ‬ومبادئ‭ ‬ومنطلقات‭ ‬مقنعة‭ ‬إقليميًّا‭ ‬ودوليًّا،‭ ‬وقادرة‭ ‬على‭ ‬محاصرة‭ ‬هذا‭ ‬العدوان‭ ‬ومن‭ ‬يقف‭ ‬خلفه‭.‬

وأتمنى‭ ‬اغتنام‭ ‬هذه‭ ‬الفرصة‭ ‬التاريخية‭ ‬من‭ ‬الجميع،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬اختلفوا‭ ‬مع‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الجزئيات،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬أي‭ ‬خلاف‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬ينضوي‭ ‬الجميع‭ ‬تحت‭ ‬مظلة‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بكل‭ ‬التزاماتها‭ ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬منها‭ ‬الممثل‭ ‬الشرعي‭ ‬الوحيد‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬والتي‭ ‬مهدت‭ ‬لقبول‭ ‬دولي‭ ‬لفكرة‭ ‬إقامة‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬في‭ ‬1967م،‭ ‬والتي‭ ‬جعلت‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬شريكًا‭ ‬للسلام،‭ ‬بل‭ ‬ونجحت‭ ‬في‭ ‬كشف‭ ‬عورات‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬اليمينية‭ ‬الفاشية،‭  ‬التي‭ ‬فشلت‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬شريكًا‭ ‬موثوقًا‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬حل‭ ‬للصراع‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬احترام‭ ‬قرارات‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭.‬

هل‭ ‬ترى‭ ‬أملا‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الوحدة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬قريبًا؟

نحن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬لو‭ ‬فقدنا‭ ‬الأمل‭ ‬لكانت‭ ‬قضيتنا‭ ‬انتهت،‭ ‬ولن‭ ‬نسقط‭ ‬التفاؤل‭ ‬والأمل،‭ ‬ولكن‭ ‬لن‭ ‬نستسلم،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬أتمنى‭ ‬من‭ ‬الإخوة‭ ‬في‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬أن‭ ‬يقوموا‭ ‬بمراجعات‭ ‬سريعة‭ ‬في‭ ‬علاقاتنا‭ ‬الوطنية‭ ‬ووحدتنا‭ ‬هي‭ ‬كلمة‭ ‬السر‭ ‬لإفشال‭ ‬المشروع‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬وأتطلع‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬صحوة‭ ‬وطنية‭ ‬لتحقيق‭ ‬الوحدة،‭ ‬مع‭ ‬إسهام‭ ‬عربي‭ ‬فاعل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭.‬

وأود‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬أعبر‭ ‬عن‭ ‬تطلعي‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تبقى‭ ‬فلسطين‭ ‬القضية‭ ‬المحورية‭ ‬عند‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين،‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬أداة‭ ‬القياس‭ ‬لسلوكنا‭ ‬السياسي،‭ ‬وهذا‭ ‬يحتم‭ ‬علينا‭ ‬مواجهة‭ ‬أي‭ ‬محاولة‭ ‬لإنهاء‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭.‬

وليعلم‭ ‬الجميع،‭ ‬أن‭ ‬الدعم‭ ‬العربي‭ ‬لا‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬التضامن‭ ‬فحسب‭ ‬بل‭ ‬يرتكز‭ ‬على‭ ‬المصلحة‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬الإقليم،‭ ‬لأن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬تكريس‭ ‬التشرذم‭ ‬العربي‭ ‬وإفشال‭ ‬أي‭ ‬محاولة‭ ‬للنهوض‭ ‬بأي‭ ‬قوة‭ ‬إقليمية‭ ‬عربية‭ ‬قادرة‭ ‬أن‭ ‬تدافع‭ ‬عن‭ ‬مصالح‭ ‬المنطقة‭.‬

وبعض‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬الوازنة‭ ‬عليها‭ ‬مسؤولية‭ ‬أن‭ ‬تبقي‭ ‬البوصلة‭ ‬واضحة،‭ ‬لأن‭ ‬أي‭ ‬فراغ‭ ‬في‭ ‬الإقليم‭ ‬تسعى‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬ملئه‭ ‬لخدمة‭ ‬مصالح‭ ‬القوى‭ ‬الاستعمارية‭.‬

في‭ ‬الحقيقة‭ ‬نحن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬نواصل‭ ‬صمودنا‭ ‬وإيماننا‭ ‬بعمقنا‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭ ‬واستعدادنا‭ ‬للتضحية،‭ ‬والآن‭ ‬الكرة‭ ‬في‭ ‬ملعب‭ ‬عمقنا‭ ‬العربي‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تستهدف‭ ‬كل‭ ‬المنطقة‭ ‬وإعادة‭ ‬صياغة‭ ‬المنطقة‭ ‬واستهداف‭ ‬دولها،‭ ‬وبعد‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬يستخلص‭ ‬العِبر‭ ‬‮«‬يحسس‭ ‬على‭ ‬رأسه‮»‬‭.‬

ما‭ ‬مستقبل‭ ‬حل‭ ‬الدولتين،‭ ‬وهل‭ ‬يواجه‭ ‬تحديًا‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي؟

إن‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬هو‭ ‬المدخل‭ ‬الوحيد‭ ‬لإنهاء‭ ‬هذا‭ ‬الصراع،‭ ‬وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬إجماعًا‭ ‬دوليًّا‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية،‭ ‬وينطبق‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬ديمقراطية‭ ‬أو‭ ‬جمهورية‭.‬

وفكرة‭ ‬الهوية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬هي‭ ‬ضرورة‭ ‬لإنهاء‭ ‬الصراع‭ ‬بإجماع‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المحافل‭ ‬الرسمية‭ ‬والشعبية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬العالم‭.‬

والجانب‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬إنجاح‭ ‬هذه‭ ‬الصيغة‭ ‬من‭ ‬الحل،‭ ‬وعلينا‭ ‬نحن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬مع‭ ‬بعدنا‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭ ‬أن‭ ‬نوفر‭ ‬كل‭ ‬أسباب‭ ‬القدرة‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الحل‭.‬

هذا‭ ‬سيقودني‭ ‬إلى‭ ‬الاستفسار‭ ‬عن‭ ‬رؤيتكم‭ ‬لموقف‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الجديدة‭ ‬برئاسة‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب،‭ ‬والمخاوف‭ ‬من‭ ‬سماحه‭ ‬لإسرائيل‭ ‬بمزيد‭ ‬من‭ ‬التوسع‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية؟

الأطماع‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬التوسعية‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬ادعاءات‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬البحر‭ ‬إلى‭ ‬النهر،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬ذلك‭ ‬لدينا‭ ‬حقيقة‭ ‬جلية‭ ‬وهي‭ ‬وجود‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬7‭ ‬ملايين‭ ‬فلسطيني،‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬5‭.‬5‭ ‬ملايين‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وشرق‭ ‬القدس،‭ ‬وهؤلاء‭ ‬هم‭ ‬الرصيد‭ ‬والذخيرة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬لمشروع‭ ‬الدولة‭ ‬والسيادة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وهم‭ ‬خط‭ ‬الدفاع‭ ‬الأول‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬الأطماع‭ ‬الإسرائيلية‭.‬

وما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬هو‭ ‬محاولة‭ ‬فرض‭ ‬التهجير‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬واقعيًّا‭ ‬أنه‭ ‬تحول‭ ‬إلى‭ ‬نموذج‭ ‬للفشل‭ ‬وعدم‭ ‬إمكانية‭ ‬إجبار‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬على‭ ‬الهجرة‭ ‬تحت‭ ‬أي‭ ‬ظرف‭ ‬من‭ ‬الظروف،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬قرارات‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬والجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وكل‭ ‬العالم‭ ‬بأن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬لهم‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬العيش‭ ‬والحياة‭ ‬والبقاء‭.‬

وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأطراف‭ ‬ومنهم‭ ‬الأوروبيون‭ ‬يتحدثون‭ ‬عن‭ ‬كارت‭ ‬أحمر‭ ‬لإسرائيل‭ ‬لمنع‭ ‬التهجير،‭ ‬وهذا‭ ‬إقرار‭ ‬بعدالة‭ ‬الموقف‭ ‬الفلسطيني‭.‬

وأجدد‭ ‬التأكيد‭ ‬أن‭ ‬القضايا‭ ‬العادلة‭ ‬تتطلب‭ ‬المساندة،‭ ‬وبالنسبة‭ ‬إلينا‭ ‬فإن‭ ‬الرافعة‭ ‬الأساسية‭ ‬هي‭ ‬الرافعة‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬والتي‭ ‬يمكنها‭ ‬التصدي‭ ‬للمخططات‭ ‬الإسرائيلية‭.‬

وأقول‭ ‬لكل‭ ‬حريص‭ ‬على‭ ‬إسرائيل،‭ ‬إن‭ ‬أمن‭ ‬إسرائيل‭ ‬ومستقبلها‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيقه‭ ‬بفرض‭ ‬القوة‭ ‬أو‭ ‬قوة‭ ‬الإرهاب،‭ ‬أو‭ ‬التوسع‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

وهنا‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬أشير‭ ‬إلى‭ ‬كلمة‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ملك‭ ‬البلاد‭ ‬المعظم،‭ ‬خلال‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬المشتركة‭ ‬الأخيرة‭ ‬والتي‭ ‬ألقاها‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء،‭ ‬والتي‭ ‬جاءت‭ ‬كلمة‭ ‬قوية،‭ ‬وحملت‭ ‬رسائل‭ ‬واضحة،‭ ‬من‭ ‬البحرين‭ ‬التي‭ ‬تترأس‭ ‬القمة‭ ‬العربية،‭ ‬وكذلك‭ ‬دولة‭ ‬داعية‭ ‬إلى‭ ‬السلام‭.‬

وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الرسائل‭ ‬أحرجت‭ ‬اليمين‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الفاشي،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يتصور‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يندمج‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬دفع‭ ‬فاتورة‭ ‬حل‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬إقامة‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭.‬

هذه‭ ‬الحقائق‭ ‬تشكل‭ ‬عوامل‭ ‬قوة‭ ‬لصالحنا‭ ‬إذا‭ ‬أحسنا‭ ‬استخدامها،‭ ‬أولاً‭ ‬بإنهاء‭ ‬الانقسام‭ ‬وإنجاز‭ ‬الوحدة‭ ‬المرتكزة‭ ‬على‭ ‬قبول‭ ‬قرارات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬ورؤيتنا‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ديمقراطية‭ ‬ذات‭ ‬تعددية‭ ‬سياسية،‭ ‬لديها‭ ‬‮«‬قانون‭ ‬واحد‭ ‬وسلاح‭ ‬واحد‭ ‬وشرطي‭ ‬واحد‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬سيشكل‭ ‬عاملاً‭ ‬إيجابيًّا‭ ‬لصالح‭ ‬الاستقرار‭ ‬والسلم‭ ‬العالمي‭.‬

إلى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬تعولون‭ ‬على‭ ‬الدعم‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭ ‬للموقف‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن؟

نحن‭ ‬في‭ ‬حركة‭ ‬فتح‭ ‬من‭ ‬غرسنا‭ ‬البذرة‭ ‬الوطنية‭ ‬للحالة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬الوعي‭ ‬الوجداني‭ ‬الإنساني،‭ ‬لأن‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬النقيض‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬للمشروع‭ ‬الاستيطاني‭ ‬الصهيوني،‭ ‬هو‭ ‬الهوية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬واليوم‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬عقيدتنا‭ ‬لنيل‭ ‬الشرعية‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭.‬

ورهاننا‭ ‬دائمًا‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الحاضنة‭ ‬العربية‭ ‬هي‭ ‬الجسر‭ ‬لتحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬المشروعة‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

ويجب‭ ‬على‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الفصائل‭ ‬الفلسطينية‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬بمراجعة‭ ‬مواقفها،‭ ‬وأن‭ ‬يدرك‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬الأرضية‭ ‬المشتركة‭ ‬فيما‭ ‬بيننا‭ ‬هي‭ ‬الوطنية‭ ‬الفلسطينية‭.‬

ونحن‭ ‬نقول‭ ‬لهم‭: ‬‮«‬تعالوا‭ ‬اسبحوا‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الوطني،‭ ‬كمدخل‭ ‬لإنهاء‭ ‬الصراع‮»‬،‭ ‬ولا‭ ‬تشكلوا‭ ‬امتدادًا‭ ‬لأي‭ ‬حركات‭ ‬أو‭ ‬جماعات‭ ‬خارجية‭.‬

ونحن‭ ‬نؤكد‭ ‬للجميع‭ ‬أننا‭ ‬باقون‭ ‬ولن‭ ‬نقبل‭ ‬التهجير،‭ ‬وما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬غير‭ ‬مسبوق،‭ ‬وعلى‭ ‬الوجه‭ ‬الآخر،‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬يكتبون‭ ‬ملحمة‭ ‬متمثلة‭ ‬في‭ ‬الصمود‭ ‬والإيمان‭ ‬بالحق‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتجلى‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬وبيت‭ ‬لحم‭ ‬والخليل‭ ‬ورام‭ ‬الله‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬شبر‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬وعند‭ ‬كل‭ ‬فلسطيني‭ ‬يعيش‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬76‭ ‬عامًا‭ ‬من‭ ‬مسلسل‭ ‬الإرهاب‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لكسر‭ ‬إرادته‭ ‬وإنهاء‭ ‬قضيته‭.‬

ماذا‭ ‬عن‭ ‬الوضع‭ ‬الإنساني‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الضفة،‭ ‬وكيف‭ ‬ترون‭ ‬الموقف‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬من‭ ‬منظمة‭ ‬الأونروا؟

الوضع‭ ‬كارثي‭ ‬بكل‭ ‬المعاني،‭ ‬ونرى‭ ‬أن‭ ‬الأونروا‭ ‬هي‭ ‬الذاكرة‭ ‬الإنسانية‭ ‬والأخلاقية‭ ‬لشعبنا‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬واليمين‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬وبعض‭ ‬أفراد‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬السابقة‭ ‬يحاولون‭ ‬شطب‭ ‬هذه‭ ‬المنظمة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬مخططهم‭ ‬لشطب‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭.‬

ونحن‭ ‬نقدر‭ ‬كل‭ ‬الجهود‭ ‬الإغاثية،‭ ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬نقطة‭ ‬في‭ ‬بحر‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬أو‭ ‬غزة،‭ ‬ونحن‭ ‬بصدورنا‭ ‬العارية‭ ‬وإمكانياتنا‭ ‬المتواضعة،‭ ‬وحربنا‭ ‬ضد‭ ‬هذا‭ ‬الاحتلال‭ ‬تتطلب‭ ‬مراجعة‭ ‬كل‭ ‬عناصر‭ ‬الإغاثة‭ ‬والإسناد‭ ‬للذين‭ ‬يقاتلون‭ ‬في‭ ‬خط‭ ‬الدفاع‭ ‬الأول‭ ‬عن‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين‭ ‬وعن‭ ‬مصالحهم‭ ‬ومقدساتهم‭.‬

كيف‭ ‬ترى‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬وتأثيره‭ ‬في‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية؟

أتطلع‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يحفز‭ ‬العرب‭ ‬جميعاً‭ ‬بأن‭ ‬يوفروا‭ ‬حاضنة‭ ‬عربية‭ ‬تعيد‭ ‬إلى‭ ‬سوريا‭ ‬اعتبارها‭ ‬ووحدة‭ ‬أراضيها‭ ‬ودورها،‭ ‬والإسهام‭ ‬الفاعل‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الانتقالية‭ ‬بسوريا،‭ ‬حتى‭ ‬تتمكن‭ ‬هذه‭ ‬الدولة‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬تقديم‭ ‬نموذج‭ ‬يليق‭ ‬بعظمة‭ ‬وشموخ‭ ‬وكبرياء‭ ‬الشعب‭ ‬السوري‭ ‬العربي‭ ‬العظيم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بناء‭ ‬دولة‭ ‬عصرية،‭ ‬كي‭ ‬تكون‭ ‬عاملا‭ ‬إيجابيا‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬مخططات‭ ‬استهداف‭ ‬المنطقة‭.‬

وأرى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬إحدى‭ ‬مسؤوليات‭ ‬القوة‭ ‬العربية‭ ‬المشتركة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬إفشال‭ ‬المشروع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الذي‭ ‬يحاول‭ ‬أن‭ ‬يضرب‭ ‬المناعة‭ ‬السورية،‭ ‬وكذلك‭ ‬فإن‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تتصدى‭ ‬لأي‭ ‬محاولة‭ ‬من‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لدعم‭ ‬المخططات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬لأن‭ ‬المشروع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬يستهدف‭ ‬كل‭ ‬المكونات‭ ‬السورية‭.‬

كيف‭ ‬ترون‭ ‬مبادرة‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم‭ ‬رئيس‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬لعقد‭ ‬مؤتمر‭ ‬دولي‭ ‬للسلام‭ ‬وحل‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية؟

إن‭ ‬رؤية‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم‭ ‬التي‭ ‬طرحها‭ ‬خلال‭ ‬القمة‭ ‬العربية،‭ ‬تتكامل‭ ‬مع‭ ‬الموقف‭ ‬السعودي‭ ‬لإنهاء‭ ‬الصراع‭ ‬العربي‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المعلن‭ ‬قبل‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأمريكية‭ ‬الأخيرة،‭ ‬فالمبادرة‭ ‬البحرينية‭ ‬والموقف‭ ‬السعودي‭ ‬لهما‭ ‬دور‭ ‬فاعل‭ ‬ومؤثر‭.‬

ونحن‭ ‬نقدر‭ ‬ونثمن‭ ‬عاليًا‭ ‬ونثق‭ ‬في‭ ‬حكمة‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم‭ ‬ورؤيته‭ ‬للسياسة‭ ‬الخارجية،‭ ‬ونرصد‭ ‬دبلوماسية‭ ‬بحرينية‭ ‬نشطة‭ ‬لدعم‭ ‬الموقف‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬ونرى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬التحركات‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬تنبثق‭ ‬من‭ ‬مخرجات‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬استضافتها‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬الماضي،‭ ‬وكذلك‭ ‬مخرجات‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬المشتركة‭ ‬الأخيرة‭ ‬بالرياض،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الظروف‭ ‬المحيطة‭ ‬بالصراع‭ ‬إقليميًّا‭ ‬ودوليًّا،‭ ‬والرغبة‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬مخرج‭ ‬لتحقيق‭ ‬استقرار‭ ‬في‭ ‬الإقليم‭ ‬والعالم،‭ ‬وكذلك‭ ‬الظروف‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الانتهاكات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المتواصلة‭.‬

ونحن‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬لتنسيق‭ ‬جهودنا‭ ‬وما‭ ‬لدينا‭ ‬من‭ ‬أفكار‭ ‬وآليات‭ ‬مع‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬رئيسة‭ ‬القمة‭ ‬العربية،‭ ‬ورهاننا‭ ‬في‭ ‬محله‭.‬

مع‭ ‬قدوم‭ ‬عام‭ ‬2025،‭ ‬هل‭ ‬يحمل‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬إرهاصات‭ ‬حلول‭ ‬منتظرة‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية؟

هناك‭ ‬حقائق‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تغييرها،‭ ‬ونحن‭ ‬الفتحاويين‭ ‬في‭ ‬الذكرى‭ ‬الستين‭ ‬لتأسيس‭ ‬هذه‭ ‬الحركة‭ ‬العظيمة‭ ‬التي‭ ‬شقت‭ ‬طريقا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الظروف‭ ‬الصعبة،‭ ‬نؤكد‭ ‬أن‭ ‬عقيدة‭ ‬الحركة‭ ‬مازالت‭ ‬صالحة‭ ‬وقادرة‭ ‬أن‭ ‬تقود‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الدعم‭ ‬العربي‭ ‬الإسلامي‭ ‬الإنساني،‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬أرضية‭ ‬مشتركة‭ ‬لكل‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬بمكوناتهم‭ ‬وفصائلهم‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬والخارج،‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الجسر‭ ‬لقلوب‭ ‬كل‭ ‬أحرار‭ ‬العالم‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا