العدد : ١٧٠٩٨ - الثلاثاء ١٤ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ١٤ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٩٨ - الثلاثاء ١٤ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ١٤ رجب ١٤٤٦هـ

مقالات

دبلوماسي مواز

بقلم: د. وجدان فهد

الثلاثاء ١٤ يناير ٢٠٢٥ - 02:00

أعود‭ ‬إلى‭ ‬الكتابة‭ ‬بعد‭ ‬انقطاع‭ ‬عام‭ ‬على‭ ‬فقدي‭ ‬لوالدتي‭ ‬رحمها‭ ‬الله،‭ ‬أعود‭ ‬لأكتب‭ ‬تنفيذاً‭ ‬لوصيتها‭ ‬رحمها‭ ‬الله‭ ‬لأن‭ ‬يبقى‭ ‬قلمي‭ ‬حراً‭ ‬طليقاً،‭ ‬يكتب‭ ‬بصدق‭ ‬تحرياً‭ ‬للكلمة‭ ‬الهادفة،‭ ‬والرؤية‭ ‬السديدة‭ ‬لإعلاء‭ ‬وجودنا‭ ‬الإنساني،‭ ‬وصون‭ ‬وطننا‭ ‬وما‭ ‬حبانا‭ ‬الله‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬فطرة‭ ‬سليمة‭ ‬ودين‭ ‬وقيم،‭ ‬تحث‭ ‬على‭ ‬السلام‭ ‬والخير‭.‬

ومن‭ ‬خير‭ ‬الصدف‭ ‬أن‭ ‬اشحذ‭ ‬همتي‭ ‬واكتب‭ ‬عن‭ ‬واقع‭ ‬اعيشه‭ ‬تزامناً‭ ‬مع‭ ‬احتفاء‭ ‬مملكتنا‭ ‬ووزارة‭ ‬خارجيتنا‭ ‬باليوم‭ ‬الدبلوماسي،‭ ‬فالكل‭ ‬يدرك‭ ‬ويلمس‭ ‬ما‭ ‬وصلت‭ ‬اليه‭ ‬دبلوماسيتنا‭ ‬من‭ ‬أداء‭ ‬دولي‭ ‬ومكانة‭ ‬فاعلة‭ ‬في‭ ‬محيطنا‭ ‬الإقليمي‭ ‬بفضل‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬التي‭ ‬أرسي‭ ‬قواعدها‭ ‬مليكنا‭ ‬المعظم،‭ ‬وكنت‭ ‬قد‭ ‬كتبت‭ ‬كثيراً‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬الدبلوماسي،‭ ‬لكني‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬أود‭ ‬أن‭ ‬اطرح‭ ‬سؤالاً‭ ‬جدلياً‭ ‬مهماً‭: ‬من‭ ‬هو‭ ‬الدبلوماسي،‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬أطر‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬الرسمية‭.‬

فأنا‭ ‬قد‭ ‬عاصرت‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬وأكثر‭ ‬وزيرين‭ ‬للخارجية‭ ‬وستة‭ ‬وكلاء‭ ‬وانتقلت‭ ‬الى‭ ‬عدة‭ ‬عواصم‭ ‬وأعرف‭ ‬جيدا‭ ‬كل‭ ‬رسميات‭ ‬العمل،‭ ‬لكني‭ ‬طوال‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬وجدت‭ ‬عملاً‭ ‬دبلوماسيّاً‭ ‬موازيّاً‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬أهمية،‭ ‬في‭ ‬إنجاح‭ ‬تجربتنا‭ ‬البحرينية،‭ ‬وسوف‭ ‬اعطيكم‭ ‬الأمثلة‭ ‬التالية‭ ‬من‭ ‬واقع‭: -‬

‭- ‬بحرينيون‭ ‬يعملون‭ ‬في‭ ‬الأمانة‭ ‬العامة‭ ‬لمجلس‭ ‬التعاون‭ ‬

من‭ ‬المعروف‭ ‬أن‭ ‬وزارة‭ ‬خارجيتنا‭ ‬تبتعث‭ ‬دبلوماسيين‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬مقر‭ ‬الأمانة‭ ‬العامة‭ ‬بمجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬يعملون‭ ‬فيها‭ ‬جنباً‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬مع‭ ‬الدبلوماسيين‭ ‬الخليجيين،‭ ‬لكنني‭ ‬وجدت‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصرح‭ ‬بحرينيين‭ ‬ليسوا‭ ‬دبلوماسيين،‭ ‬بل‭ ‬تم‭ ‬التعاقد‭ ‬معهم‭ ‬لكفاءتهم‭ ‬واختصاصهم‭ ‬وخبرتهم،‭ ‬وبالاقتراب‭ ‬منهم‭ ‬وجدت‭ ‬أداءهم‭ ‬يوازي‭ ‬الدبلوماسي،‭ ‬في‭ ‬حرصهم‭ ‬على‭ ‬ابراز‭ ‬الصورة‭ ‬المشرفة‭ ‬عن‭ ‬البحرين‭ ‬عملاً‭ ‬وإنجازاً‭ ‬واخلاقاً‭ ‬واحتراماً،‭ ‬فسوسن‭ ‬وخليل‭ ‬ومحمد‭ ‬وغيرهم‭ ‬يحملون‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬قلوبهم،‭ ‬ويعملون‭ ‬بإخلاص‭ ‬رغم‭ ‬عدم‭ ‬صلتهم‭ ‬الرسمية‭ ‬بالسفارة،‭ ‬لكنهم‭ ‬أول‭ ‬الناس‭ ‬ترحيباً‭ ‬لو‭ ‬تمت‭ ‬دعوتهم‭ ‬والاستعانة‭ ‬بهم‭.‬

‭- ‬سفيرة‭ ‬بحرينية‭ ‬بلا‭ ‬حقيبة‭ ‬تخدم‭ ‬وطنها‭ ‬والأمم‭: ‬

الدكتورة‭ ‬نعيمة‭ ‬القصير،‭ ‬الممثل‭ ‬الأسبق‭ ‬لمكتب‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬بالقاهرة،‭ ‬هذه‭ ‬المرأة‭ ‬تسد‭ ‬وتكفي‭ ‬عن‭ ‬سفير،‭ ‬فأول‭ ‬اهتماماتها‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬الى‭ ‬كل‭ ‬بحريني‭ ‬وافد‭ ‬للدراسة‭ ‬أو‭ ‬العمل‭ ‬وتحتويه،‭ ‬ولا‭ ‬تبخل‭ ‬عليه‭ ‬بمشورة‭ ‬أو‭ ‬نصيحة‭ ‬وضيافة،‭ ‬والحق‭ ‬أنها‭ ‬غير‭ ‬ملزمة‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬أساساً‭ ‬دور‭ ‬السفير‭ ‬ومن‭ ‬يتبعه‭ ‬من‭ ‬مستشارين‭ ‬ودبلوماسيين‭ ‬بما‭ ‬لديهم‭ ‬من‭ ‬إمكانات‭ ‬مادية‭ ‬واختصاصات‭ ‬عملية،‭ ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬المرأة‭ ‬تعطي‭ ‬ولا‭ ‬تنتظر‭ ‬مقابلا،‭ ‬وقد‭ ‬بلغت‭ ‬الان‭ ‬سن‭ ‬التقاعد،‭ ‬والمرتجى‭ ‬أن‭ ‬تتاح‭ ‬لها‭ ‬فرصة‭ ‬لنقل‭ ‬خبرتها‭ ‬وتقديم‭ ‬دروس‭ ‬للدبلوماسيين‭ ‬المستجدين،‭ ‬كي‭ ‬يتعلموا‭ ‬سياسة‭ ‬فتح‭ ‬القلوب‭ ‬قبل‭ ‬المكاتب‭.‬

‭- ‬زوجة‭ ‬دبلوماسي‭ ‬من‭ ‬نهر‭ ‬السين‭ ‬إلى‭ ‬نهر‭ ‬الأردن‭ ‬

أم‭ ‬خليفة،‭ ‬امرأة‭ ‬بحرينية‭ ‬شابة‭ ‬استضافت‭ ‬البحرينيين‭ ‬واسبغت‭ ‬عليهم‭ ‬بالضيافة‭ ‬وجمّلت‭ ‬أبناءها‭ ‬نور‭ ‬وخليفة‭ ‬باللباس‭ ‬البحريني‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مناسبة‭ ‬وطنية‭ ‬بباريس،‭ ‬لم‭ ‬تكتف‭ ‬بدورها‭ ‬كزوجة‭ ‬دبلوماسي‭ ‬تحضر‭ ‬معه‭ ‬المناسبات‭ ‬والاستقبالات،‭ ‬بل‭ ‬تفاعلت‭ ‬مع‭ ‬الناس‭ ‬وشاركتهم‭ ‬في‭ ‬الفعاليات،‭ ‬وعكست‭ ‬صورة‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬بالإمكانات‭ ‬المتاحة‭ ‬لديها،‭ ‬فهي‭ ‬ليست‭ ‬بزوجة‭ ‬سفير‭ ‬وهذا‭ ‬يفرق‭ ‬ماديا،‭ ‬ولكنها‭ ‬زوجة‭ ‬دبلوماسي،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬وضعت‭ ‬لنفسها‭ ‬بصمة‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬تعطي‭ ‬وتقدم‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬تنقل‭ ‬فيه‭ ‬مع‭ ‬زوجها،‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬زوجات‭ ‬لا‭ ‬يرغبن‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬مرافقة‭ ‬أزواجهن‭ ‬وتحمل‭ ‬متطلبات‭ ‬العمل‭ ‬الدبلوماسي‭.‬

تلك‭ ‬أمثله‭ ‬اسوقها،‭ ‬والقائمة‭ ‬تطول،‭ ‬فكل‭ ‬منا‭ ‬يمكنه‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬دبلوماسيا،‭ ‬فيما‭ ‬لو‭ ‬آمن‭ ‬بدوره‭ ‬ودفعه‭ ‬حبه‭ ‬لوطنه‭ ‬الى‭ ‬إظهار‭ ‬بحرينيته‭ ‬أينما‭ ‬كان،‭ ‬والدبلوماسية‭ ‬في‭ ‬أبسط‭ ‬تعريفاتها‭ ‬نقل‭ ‬رسالة،‭ ‬فما‭ ‬بالكم‭ ‬بمن‭ ‬ينقل‭ ‬وطنا‭ ‬على‭ ‬عاتقه‭ ‬أينما‭ ‬حل‭ ‬وارتحل،‭ ‬ويتجمل‭ ‬به‭ ‬أمام‭ ‬العالم‭ ‬كله‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا