العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الكواليس

وفاء جناحي

waffajanahi@gmail.com

الاحتضان نعمة

تجلس‭ ‬امامنا‭ ‬نحن‭ ‬صديقاتها‭ ‬المقربات‭ ‬تبكي‭ ‬بحرقة‭ ‬وتخبرنا‭ ‬بمدى‭ ‬معاناتها‭ ‬وتعبها‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬العلاج‭ ‬والبحث‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬عن‭ ‬وسيلة‭ ‬للإنجاب،‭ ‬نظرت‭ ‬إلي‭ ‬وقالت‭: ‬خاطري‭ ‬بطفل‭ ‬يناديني‭ ‬بكلمة‭ ‬ماما،‭ ‬لا‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬اموت‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬اسمع‭ ‬هذه‭ ‬الكلمة‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬عندي‭ ‬ذكريات‭ ‬ومعاناة‭ ‬مع‭ ‬طفل‭ ‬حديث‭ ‬الولادة‭ ‬وكيف‭ ‬سهرت‭ ‬الليالي‭ ‬معه‭ ‬وكيف‭ ‬بدلت‭ ‬الحفاظات‭ ‬في‭ ‬عز‭ ‬الليل،‭ ‬لفلفت‭ ‬على‭ ‬المستشفيات‭ ‬لبرد‭ ‬بسيط‭ ‬أصاب‭ ‬طفلي‭ ‬وكيف‭ ‬وكيف‭.‬

فجأة‭ ‬سكتت‭ ‬وصرخت‭ ‬في‭ ‬وجهي‭ ‬وقالت‭: ‬لماذا‭ ‬تصمتين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬احكي‭ ‬فيها‭ ‬عن‭ ‬مأساتي‭ ‬ولا‭ ‬تكونين‭ ‬الوحيدة‭ ‬بين‭ ‬الصديقات‭ ‬اللاتي‭ ‬لا‭ ‬تحاول‭ ‬أن‭ ‬تخفف‭ ‬من‭ ‬معاناتي؟‭ ‬فنظرت‭ ‬اليها‭ ‬وقلت‭ ‬لأنني‭ ‬أكره‭ ‬أن‭ ‬أكرر‭ ‬كلامي‭ ‬ولأنني‭ ‬أعطيتك‭ ‬الحل‭ ‬لكل‭ ‬هذه‭ ‬المعاناة‭ ‬ولكنك‭ ‬لم‭ ‬تقبليه‭ ‬ولم‭ ‬تحاولي‭ ‬أصلا‭ ‬التفكير‭ ‬فيه،‭ ‬مع‭ ‬ان‭ ‬الحل‭ ‬يعتبر‭ ‬نعمة‭ ‬من‭ ‬رب‭ ‬العالمين‭ ‬وخيرا‭ ‬كبيرا‭ ‬لك‭ ‬ولمن‭ ‬سيكون‭ ‬طفلك،‭ ‬ولكنك‭ ‬ترفضين‭ ‬حتى‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬الحل،‭ ‬ومازلت‭ ‬تكررين‭ ‬العبارات‭ ‬التي‭ ‬أعتبرها‭ ‬انا‭ ‬هبلة‭.‬

الاحتضان‭ ‬لطفل‭ ‬مجهول‭ ‬الابوين‭ ‬هو‭ ‬الحل‭ ‬الجميل‭ ‬والنعمة‭ ‬العظيمة‭ ‬التي‭ ‬اتاحها‭ ‬لنا‭ ‬رب‭ ‬العالمين‭ ‬لكي‭ ‬ننقذ‭ ‬طفلا‭ ‬ونمنحه‭ ‬حياة‭ ‬جميلة‭ ‬نحن‭ ‬محتاجون‭ ‬أصلا‭ ‬إليها‭ ‬أكثر‭ ‬منه؛‭ ‬فالطفل‭ ‬مجهول‭ ‬الأبوين‭ ‬سيتربى‭ ‬ويكبر‭ ‬بنا‭ ‬أو‭ ‬بدوننا‭ ‬ولكن‭ ‬المحروم‭ ‬من‭ ‬نعمة‭ ‬الإنجاب‭ ‬لن‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬جمال‭ ‬الأبوة‭ ‬أبدا‭ ‬الا‭ ‬إذا‭ ‬فكر‭ ‬في‭ ‬انقاذ‭ ‬طفل،‭ ‬بمعنى‭ ‬اعط‭ ‬تعطى،‭ ‬ازرع‭ ‬خيرا‭ ‬تلقى‭ ‬خيرا‭.‬

مصطلحات‭ ‬كثيرة‭ ‬أكره‭ ‬سماعها‭ ‬لأنني‭ ‬اعتبرها‭ ‬هبلة‭ ‬وبعضها‭ ‬غير‭ ‬إنساني‭ ‬أصلا‭ ‬مثل‭: ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬من‭ ‬والدا‭ ‬الطفل؟‭ ‬اريد‭ ‬طفلا‭ ‬من‭ ‬لحمي‭ ‬ودمي‭ ‬و‭(‬ينسى‭ ‬الكثيرين‭ ‬ان‭ ‬الام‭ ‬اللي‭ ‬تربي‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬تنجب‭)‬،‭ ‬أخاف‭ ‬من‭ ‬نظرة‭ ‬المجتمع‭ ‬لطفلي‭ ‬عندما‭ ‬يكبر،‭ ‬كيف‭ ‬أربى‭ ‬غير‭ ‬لحمي؟‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬العبارات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬أحب‭ ‬سماعها‭ ‬ابدا‭.‬

يا‭ ‬عزيزتي‭ ‬لقد‭ ‬كرر‭ ‬عليك‭ ‬كل‭ ‬أطباء‭ ‬العالم‭ ‬أنك‭ ‬لن‭ ‬تستطيعين‭ ‬الانجاب‭ ‬وأن‭ ‬رب‭ ‬العالمين‭ ‬حرمك‭ ‬من‭ ‬نعمة‭ ‬الانجاب‭ ‬فلماذا‭ ‬التكبر‭ ‬وهنا‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬المحرومين‭ ‬من‭ ‬نعمة‭ ‬العائلة‭ ‬والابوين؟‭ ‬انت‭ ‬محتاجة‭ ‬إلى‭ ‬طفل‭ ‬وهناك‭ ‬أطفال‭ ‬محتاجون‭ ‬إلى‭ ‬ربع‭ ‬حنانك‭ ‬فلماذا‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬عندك‭ ‬ذكريات‭ ‬مع‭ ‬طفل‭ ‬محروم؟‭ ‬ولماذا‭ ‬هذه‭ ‬النظرة‭ ‬المتخلفة‭ ‬لعمل‭ ‬خيري‭ ‬رائع‭ ‬هو‭ ‬احتضان‭ ‬طفل‭ ‬مجهول‭ ‬الأبوين‭ ‬كل‭ ‬ذنبه‭ ‬انه‭ ‬ولد‭ ‬لأبوين‭ ‬لا‭ ‬يريدانه؟‭ ‬طفل‭ ‬يتوق‭ ‬إلى‭ ‬ان‭ ‬يقول‭ ‬كلمة‭ ‬ماما‭ ‬وبابا‭ ‬وأنتما‭ ‬تتمنيان‭ ‬ان‭ ‬تسمعا‭ ‬هذه‭ ‬الكلمة‭! ‬يا‭ ‬عجبي‭. ‬

يا‭ ‬عزيزتي‭ ‬لماذا‭ ‬بدل‭ ‬التفكير‭ ‬المتخلف‭ ‬بكلام‭ ‬الناس‭ ‬ونزرتهم‭ ‬لا‭ ‬تفكري‭ ‬في‭ ‬نظرة‭ ‬الخالق‭ ‬لعمل‭ ‬الخير‭ ‬الذي‭ ‬ستفعلينه‭ ‬وهو‭ ‬احتضان‭ ‬طفل‭ ‬محتاج‭ ‬للمسة‭ ‬حب‭ ‬وحنان؟‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬تفكري‭ ‬بعظمة‭ ‬الاحتضان‭ ‬وجماله‭ ‬فإنقاذ‭ ‬روح‭ ‬بريئة‭ ‬واعطائه‭ ‬الحب‭ ‬والرعاية‭ ‬والحنان‭ ‬يعتبر‭ ‬أكبر‭ ‬إنسانية‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬هو‭ ‬انقاذ‭ ‬لروحك‭ ‬وحياتك‭ ‬الاسرية‭ ‬المحرومة‭ ‬من‭ ‬نعمة‭ ‬الانجاب‭.‬

الاحتضان‭ ‬نعمة‭ ‬كبيرة‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬معناه‭ ‬الحقيقي‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المحتاجين‭ ‬مع‭ ‬الأسف‭ ‬الشديد‭.‬

إقرأ أيضا لـ"وفاء جناحي"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا