العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

الزول جعل الجني يفقد عقله

كلما‭ ‬قرأت‭ ‬أو‭ ‬سمعت‭ ‬عن‭ ‬شخص‭ ‬وهبه‭ ‬جهاز‭ ‬الصرف‭ ‬الآلي‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الخطأ‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬أو‭ ‬بضعة‭ ‬ملايين،‭ ‬أندب‭ ‬حظي‭ ‬واهتف‭ ‬بالمصري‭ ‬‮«‬جاتني‭ ‬نيلة‭ ‬في‭ ‬حظي‭ ‬الهباب،‭ ‬وفي‭ ‬صباي‭ ‬كنت‭ ‬أصدق‭ ‬ما‭ ‬يقال‭ ‬عن‭ ‬صندوق‭ ‬علاء‭ ‬الدين‭ ‬السحري‭ ‬وأحلم‭ ‬بمغارة‭ ‬علي‭ ‬بابا‭ ‬المملوءة‭ ‬بالذهب‭ ‬والجواهر،‭ ‬ثم‭ ‬كان‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬أمر‭ ‬بلدياتي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يتسكع‭ ‬في‭ ‬شارع‭ ‬النيل‭ ‬في‭ ‬الخرطوم،‭ ‬عندما‭ ‬عثر‭ ‬على‭ ‬جرة‭ ‬محكمة‭ ‬السداد‭ ‬فداعبت‭ ‬الآمال‭ ‬خاطره‭: ‬ياما‭ ‬أنت‭ ‬كريم‭ ‬يا‭ ‬رب،‭ ‬ربما‭ ‬أجد‭ ‬بداخلها‭ ‬فسيخا‭ ‬معتقا‭ ‬أو‭ ‬مخللا‭ ‬وربما‭ ‬أجد‭ ‬فيها‭ ‬وثيقة‭ ‬توصي‭ ‬لمن‭ ‬يعثر‭ ‬على‭ ‬الجرة‭ ‬ببعض‭ ‬المال‭. ‬تلفت‭ ‬يمنة‭ ‬ويسرة‭ ‬وتأكد‭ ‬له‭ ‬خلو‭ ‬الشاطئ‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬وفتح‭ ‬الجرة‭ ‬فتسرب‭ ‬منها‭ ‬دخان‭ ‬خفيف،‭ ‬ثم‭ ‬تشكل‭ ‬الدخان‭ ‬على‭ ‬هيئة‭ ‬كائن‭ ‬حي‭ ‬فإذا‭ ‬به‭ ‬جني‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬سوء‭ ‬التغذية‭ ‬والهزال‭. ‬ترنح‭ ‬الجني‭ ‬قليلاً‭ ‬ثم‭ ‬شكر‭ ‬الزول‭ ‬قائلاً‭ ‬إنه‭ ‬ظل‭ ‬رهن‭ ‬الاعتقال‭ ‬التحفظي‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬تقديمه‭ ‬للمحاكمة‭ ‬طوال‭ ‬2345‭ ‬سنة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬اتهمه‭ ‬زعيم‭ ‬الجن‭ ‬بضعف‭ ‬الولاء‭ ‬لثوابت‭ ‬الأمة‭ ‬الجنية،‭ ‬وظل‭ ‬طوال‭ ‬فترة‭ ‬الاعتقال‭ ‬محروما‭ ‬من‭ ‬الطعام‭ ‬الجيد‭ ‬والرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬ثم‭ ‬اختتم‭ ‬الجني‭ ‬حديثه‭ ‬بأن‭ ‬طلب‭ ‬من‭ ‬الزول‭ ‬أن‭ ‬يأتيه‭ ‬بسندويتش‭ ‬فول‭ ‬وفلافل‭.‬

هنا‭ ‬لطم‭ ‬الزول‭ ‬خده‭ ‬وصاح‭: ‬أي‭ ‬تعاسة‭ ‬هذه؟‭ ‬أعاني‭ ‬من‭ ‬سوء‭ ‬الحال‭ ‬المآل،‭ ‬وغيري‭ ‬يخرج‭ ‬جنيا‭ ‬من‭ ‬القمم‭ ‬فيعطيه‭ ‬حق‭ ‬تمني‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشياء،‭ ‬بينما‭ ‬أحرر‭ ‬أنا‭ ‬جنيا‭ ‬فإذا‭ ‬به‭ ‬كحيان‭ ‬ومن‭ ‬مستحقي‭ ‬الزكاة‭ ‬ومن‭ ‬فرط‭ ‬خيبته‭ ‬يحسب‭ ‬الفول‭ ‬طعامًا‭ ‬‮«‬جيدًا‮»‬‭. ‬هنا‭ ‬قال‭ ‬له‭ ‬الجني‭: ‬لا‭ ‬تحزن‭ ‬يا‭ ‬زول‭ ‬فعلى‭ ‬هزالي‭ ‬فإنني‭ ‬سألبي‭ ‬لك‭ ‬أمنية‭ ‬واحدة،‭ ‬وعليك‭ ‬بالتالي‭ ‬أن‭ ‬تفكر‭ ‬جيدًا‭ ‬لتطلب‭ ‬ما‭ ‬تشتهيه‭ ‬نفسك‭. ‬فما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الزول‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬انطلق‭ ‬إلى‭ ‬مطعم‭ ‬مجاور‭ ‬واشترى‭ ‬أربعة‭ ‬سندوتشات‭ ‬فول‭ ‬وفلافل،‭ ‬وتوجه‭ ‬إلى‭ ‬شاطئ‭ ‬النيل‭ ‬حيث‭ ‬قدم‭ ‬السندويتشات‭ ‬إلى‭ ‬الجني‭ ‬الذي‭ ‬التهم‭ ‬أربعتها‭ ‬في‭ ‬لقمة‭ ‬واحدة‭ ‬ثم‭ ‬تجشأ‭ ‬كما‭ ‬يفعل‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يأكل‭ ‬الفول‭ ‬المشهود‭ ‬له‭ ‬بتوليد‭ ‬غاز‭ ‬السيانيد‭ ‬السام‭ ‬في‭ ‬الرئتين‭ ‬مما‭ ‬يعرض‭ ‬مدمني‭ ‬الفول‭ ‬للسكتة‭ ‬الدماغية‭. ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬انفرجت‭ ‬أسارير‭ ‬الجني‭ ‬وقال‭ ‬لصاحبه‭: ‬يللا‭ ‬لك‭ ‬أمنية‭ ‬واحدة‭ ‬أحققها‭ ‬لك‭.‬

فكر‭ ‬الزول‭ ‬وقدر‭ ‬ثم‭ ‬قال‭: ‬منذ‭ ‬طفولتي‭ ‬وأنا‭ ‬أحلم‭ ‬بزيارة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والعيش‭ ‬في‭ ‬نيويورك‭ ‬وحال‭ ‬دون‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك‭ ‬الحلم‭ ‬قلة‭ ‬المال‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬المال‭ ‬وخوفي‭ ‬من‭ ‬ركوب‭ ‬الطائرات،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬أريده‭ ‬منك‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬ترصف‭ ‬لي‭ ‬شارعا‭ ‬يربط‭ ‬الخرطوم‭ ‬بنيويورك،‭ ‬حتى‭ ‬أتمكن‭ ‬من‭ ‬السفر‭ ‬بالسيارة‭. ‬انتفض‭ ‬الجني‭ ‬حتى‭ ‬تحول‭ ‬إلى‭ ‬مارد‭: ‬اسمع‭ ‬يا‭ ‬حمار،‭ ‬أعطيك‭ ‬فرصة‭ ‬لتحقق‭ ‬حلم‭ ‬حياتك‭ ‬فتطلب‭ ‬مني‭ ‬أن‭ ‬أزور‭ ‬جميع‭ ‬مصانع‭ ‬الأسمنت‭ ‬والحديد‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬لأوفر‭ ‬المواد‭ ‬اللازمة‭ ‬لطريقك‭ ‬عديم‭ ‬الجدوى‭ ‬هذا؟‭ ‬هل‭ ‬تعرف‭ ‬كم‭ ‬عمودا‭ ‬ودعامة‭ ‬سأحتاج‭ ‬إليها‭ ‬كي‭ ‬يمر‭ ‬ذلك‭ ‬الطريق‭ ‬فوق‭ ‬الصحراء‭ ‬الكبرى‭ ‬والمحيط‭ ‬الأطلسي؟‭ ‬دعك‭ ‬من‭ ‬مطلبك‭ ‬السخيف‭ ‬هذا‭ ‬واطلب‭ ‬شيئًا‭ ‬أستطيع‭ ‬تحقيقه‭ ‬لك،‭ ‬وإلا‭ ‬فإنني‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬لإخراج‭ ‬فولك‭ ‬وفلافلك‭ ‬من‭ ‬بطني‭ ‬وردها‭ ‬إليك‭.‬

أسقط‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬صاحبنا‭ ‬وحاول‭ ‬إنقاذ‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬إنقاذه‭ ‬وقال‭ ‬للجني‭: ‬لا‭ ‬بأس،‭ ‬لأن‭ ‬عندي‭ ‬أمنية‭ ‬اعتقد‭ ‬أنك‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬تحقيقها،‭ ‬وفحواها‭ ‬أنني‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬يحكم‭ ‬السودان‭ ‬شخص‭ ‬عادل‭ ‬وراشد‭ ‬ومخلص‭ ‬لم‭ ‬يبلغ‭ ‬السبعين،‭ ‬بحيث‭ ‬يصبح‭ ‬السودان‭ ‬قادرا‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬قرض‭ ‬للكويت‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬خمس‭ ‬سنوات،‭ ‬ومن‭ ‬باب‭ ‬‮«‬فش‭ ‬الغل‮»‬‭ ‬تساءل‭ ‬الزول‭: ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬يمنح‭ ‬السودانيون‭ ‬فرصة‭ ‬الزعامة‭ ‬لجعفر‭ ‬عباس‭ ‬الذي‭ ‬يزعم‭ ‬أن‭ ‬البركة‭ ‬حلت‭ ‬فيه‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬استبدل‭ ‬دماغه‭ ‬بـ«سي‭ ‬دي‮»‬‭ ‬CD‭ ‬كي‭ ‬يحق‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يزعم‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬سيدي‮»‬‭ ‬كما‭ ‬يزعم‭ ‬ديناصورات‭ ‬السياسة‭ ‬في‭ ‬السودان؟‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬يقتدي‭ ‬السودانيون‭ ‬باللبنانيين‭ ‬الذين‭ ‬فشلوا‭ ‬في‭ ‬حكم‭ ‬بلادهم‭ ‬فاستولوا‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬بلدان‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية‭ ‬ونجحوا‭ ‬في‭ ‬إثبات‭ ‬كفاءتهم‭ (‬الاستثناء‭ ‬الوحيد‭ ‬كان‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬بوكرم‭ ‬الذي‭ ‬انتخب‭ ‬رئيسا‭ ‬للاكوادور‭ ‬وشوهد‭ ‬وهو‭ ‬يرقص‭ ‬منتشيا‭ ‬في‭ ‬الشوارع‭ ‬ليل‭ ‬نهار‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬بعث‭ ‬إليه‭ ‬أقاربه‭ ‬بالعرق‭ ‬الزحلاوي‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬يفيق‭ ‬من‭ ‬نشوة‭ ‬الفرح‭ ‬كانوا‭ ‬قد‭ ‬أنهوا‭ ‬خدماته‭). ‬يا‭ ‬سيد‭ ‬يا‭ ‬جني‭ ‬ساعدني‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الحلم‭ ‬لبلادي‭. ‬عندئذ‭ ‬صرخ‭ ‬الجني‭: ‬بس‭ ‬كفى‭ ‬يا‭ ‬أهبل‭! ‬هل‭ ‬تريد‭ ‬الطريق‭ ‬بين‭ ‬الخرطوم‭ ‬ونيويورك‭ ‬باتجاهين‭ ‬أم‭ ‬اتجاه‭ ‬واحد؟

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا