العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

أزواج للبيع

في‭ ‬السودان‭ ‬تسمع‭ ‬دعاء‭ ‬من‭ ‬الرجال‭ ‬هذا‭ ‬نصُّه‭: ‬يا‭ ‬رب‭ ‬عروس‭ ‬وطن‭ ‬فلوس،‭ ‬السمحة‭ ‬بجنيهين‭ ‬والشينة‭ ‬بمليم‭. ‬والسمحة‭ ‬في‭ ‬العامية‭ ‬السودانية‭ ‬هي‭ ‬الجميلة،‭ ‬والمليم‭ ‬فئة‭ ‬عملة‭ ‬معدنية‭ ‬اندثرت‭ ‬بعد‭ ‬انتحار‭ ‬الجنيه‭ ‬السوداني‭.‬

بين‭ ‬الحين‭ ‬والحين‭ ‬يسبّب‭ ‬الكساد‭ ‬الاقتصادي‭ ‬انهيارا‭ ‬في‭ ‬‮«‬الأسعار‮»‬‭.. ‬والقيم‭.. ‬تنزيلات‭ ‬مغرية‭ ‬في‭ ‬أنواع‭ ‬السلع‭ ‬كافة،‭ ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬تجد‭ ‬إعلانات‭ ‬شركات‭ ‬بيع‭ ‬السيارات‭ ‬من‭ ‬نوع‭: ‬اشتر‭ ‬سيارة‭ ‬جديدة‭ ‬بأقساط‭ ‬لـ‭ ‬8‭ ‬سنوات‭ ‬واحصل‭ ‬على‭ ‬عشرين‭ ‬علبة‭ ‬بيف‭ ‬باف‭ ‬مجانا‭.. (‬هل‭ ‬تذكرون‭ ‬ما‭ ‬كتبته‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬عن‭ ‬شركة‭ ‬النظارات‭ ‬التي‭ ‬تمنحك‭ ‬نظارة‭ ‬مجانية‭ ‬عندما‭ ‬تشتري‭ ‬نظارتين‭ ‬طبيتين‭! ‬واحدة‭ ‬للقريب‭ ‬والثانية‭ ‬للبعيد‭ ‬والثالثة؟‭ ‬أُول‭ ‬أنت‭ ‬بأه‭/ ‬قول‭ ‬أنت‭ ‬بقى‭)! ‬ولأن‭ ‬الأزمات‭ ‬المالية‭ ‬العالمية‭ ‬تسبب‭ ‬بوارا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬معروض،‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬أخطر‭ ‬ما‭ ‬ينجم‭ ‬عنها‭ ‬هو‭ ‬عزوف‭ ‬الشباب‭ ‬عن‭ ‬الزواج،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تتقدم‭ ‬إلى‭ ‬الخلف،‭ ‬فسيؤدي‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬انقطاع‭ ‬‮«‬الخِلفة‮»‬‭ ‬أي‭ ‬التناسل‭ ‬والتكاثر‭/ ‬ولكن‭ ‬رجلا‭ ‬من‭ ‬بنغلاديش‭ ‬يقيم‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬خليجية‭ ‬حاول‭ ‬حل‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬بعرض‭ ‬عروس‭ ‬لقطة‭ ‬للبيع‭.. ‬عروس‭ ‬جاهزة‭. ‬وهل‭ ‬هناك‭ ‬عروس‭ ‬غير‭ ‬جاهزة؟‭ ‬جاهزة‭ ‬عن‭ ‬جاهزة‭ ‬تفرق،‭ ‬وعروسنا‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬غير‭ ‬شكل‮»‬،‭ ‬لأنها‭ ‬حامل‭ ‬وكلها‭ ‬4‭ ‬أو‭ ‬5‭ ‬أشهر‭ ‬بعد‭ ‬الزواج‭ ‬ويكون‭ ‬عندك‭ ‬بيبي،‭ ‬وتوفر‭ ‬على‭ ‬نفسك‭ ‬رسوم‭ ‬الكشف‭ ‬للتأكد‭ ‬من‭ ‬الحمل‭ ‬وما‭ ‬يلي‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬فحوصات‭ ‬مختبرية‭ ‬واشعاعية‭. ‬والعروس‭ ‬زائد‭ ‬البيبي‭ ‬بألف‭ ‬وتسعة‭ ‬وثمانين‭ (‬1089‭) ‬دولارا‭. ‬وإذا‭ ‬كنت‭ ‬تاجر‭ ‬رقيق‭ ‬فالصفقة‭ ‬تناسبك‭ ‬لأن‭ ‬البائع‭ ‬عرض‭ ‬الشابة‭ ‬الحامل‭ ‬للبيع‭ ‬أساسا‭ ‬لمن‭ ‬يريدون‭ ‬امرأة‭ ‬‮«‬للتسلية‮»‬‭. ‬يعني‭ ‬تشتريها‭ ‬ولا‭ ‬داعي‭ ‬لعقد‭ ‬زواج‭ ‬او‭ ‬مهر‭ ‬او‭ ‬بطيخ‭.‬

وما‭ ‬حدث‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬ابن‭ ‬قراد‭ ‬الكلب‭ ‬هذا،‭ ‬أقنع‭ ‬شابة‭ ‬من‭ ‬بلاده‭ ‬بالهرب‭ ‬من‭ ‬بيت‭ ‬مخدومها‭ ‬والعيش‭ ‬معه‭. ‬وعاشت‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬تبات‭ ‬ونبات،‭ ‬ولكن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬العيش‭ ‬يسفر‭ ‬عن‭ ‬صبيان‭ ‬وبنات،‭ ‬ولما‭ ‬تأكد‭ ‬له‭ ‬أنها‭ ‬حبلى،‭ ‬عرضها‭ ‬للبيع‭ ‬بذلك‭ ‬السعر‭ ‬المغري‭ ‬مستعينا‭ ‬بصديق‭ ‬بنغلاديشي‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬مغسلة‭ ‬نظير‭ ‬تقاسم‭ ‬مبلغ‭ ‬البيع‭ ‬فيفتي‭ - ‬فيفتي‭. ‬ولأن‭ ‬البائع‭ ‬والسمسار‭ ‬و«البضاعة‮»‬‭ ‬كانوا‭ ‬على‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬الغباء‭ ‬جديرة‭ ‬بالإعجاب،‭ ‬فقد‭ ‬ذاع‭ ‬أمر‭ ‬الصفقة‭ ‬بين‭ ‬العشرات،‭ ‬وكان‭ ‬بينهم‭ ‬صاحب‭ ‬ضمير‭ ‬أبلغ‭ ‬الشرطة‭ ‬التي‭ ‬نصبت‭ ‬كمينا‭ ‬للثنائي،‭ ‬وألقت‭ ‬القبض‭ ‬عليهما‭ ‬وصادرت‭ ‬‮«‬البضاعة‮»‬‭. ‬ووصل‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬القضاء،‭ ‬فكان‭ ‬مصير‭ ‬ذلك‭ ‬القذر‭ ‬السجن‭ ‬الطويل‭ ‬الذي‭ ‬سيليه‭ ‬الابعاد‭ ‬الى‭ ‬وطنه‭ ‬خاسئا‭ ‬وهو‭ ‬حسير‭.‬

ننتقل‭ ‬إلى‭ ‬صفقة‭ ‬من‭ ‬النوعية‭ ‬نفسها،‭ ‬تمت‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬عربي‭ ‬آخر،‭ ‬ولكن‭ ‬البضاعة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬رجل‭. ‬والسعر‭ ‬المطلوب‭ ‬فيه‭ ‬900‭ ‬دولار‭ ‬فقط‭ (‬يعني‭ ‬الرجل‭ ‬العربي‭ ‬أرخص‭ ‬من‭ ‬الآسيوية‭ ‬تلك‭. ‬ربما‭ ‬لأنه‭ ‬ليس‭ ‬‮«‬حامل‮»‬‭. ‬بس‭ ‬هناك‭ ‬فارق‭ ‬جوهري‭ ‬بين‭ ‬الصفقتين،‭ ‬فقد‭ ‬وضعت‭ (‬ماجدة‭. ‬ص‭) ‬عينها‭ ‬على‭ ‬الفحل‭ (‬واو‭) ‬ولأنها‭ ‬من‭ ‬عائلة‭ ‬محافظة‭ ‬فقد‭ ‬توجهت‭ ‬الى‭ ‬السيدة‭ (‬هبة‭.‬س‭. ‬س‭) ‬زوجته‭ ‬وطلبت‭ ‬يده‭ ‬منها‭. ‬بنت‭ ‬أصول‭. ‬صح؟‭ ‬وتخيلوا‭ ‬سعادة‭ ‬ماجدة‭ ‬عندما‭ ‬قالت‭ ‬لها‭ ‬هبة‭: ‬أنا‭ ‬لا‭ ‬أقبل‭ ‬ضرة‭ ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬حشرة،‭ ‬ولكنني‭ ‬مستعدة‭ ‬للتنازل‭ ‬الكامل‭ ‬عن‭ ‬زوجي‭ ‬لك‭ ‬بس‭ ‬نتفق‭ ‬على‭ ‬السعر‭. ‬وبدأت‭ ‬المساومة‭: ‬إديني‭ ‬ألفين‭ ‬دولار‭ ‬والسيد‭ (‬واو‭) ‬حلال‭ ‬عليك‭! ‬ردت‭ ‬ماجدة‭: ‬بألفين‭ ‬دولار‭ ‬أقدر‭ ‬أجيب‭ ‬2‭ ‬من‭ ‬صنف‭ (‬واو‭). ‬خليها‭ ‬500‭ ‬دولار‭ ‬بس‭. ‬وبعد‭ ‬أخذ‭ ‬ورد‭ ‬رسا‭ ‬العطاء‭ ‬على‭ ‬ماجدة‭ ‬بـ‭ ‬900‭ ‬دولار‭ ‬وفازت‭ ‬بصاحبنا‭ (‬واو‭) ‬وصارت‭ ‬زوجة‭ ‬له‭. ‬

ليس‭ ‬عندي‭ ‬مشكلة‭ ‬مع‭ ‬البائعة‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬هبة‭ ‬ولا‭ ‬المشترية‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬ماجدة،‭ ‬ولكن‭ ‬مشكلتي‭ ‬من‭ ‬التنبل‭ (‬واو‭) ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬بالمفاوضات‭ ‬ومتابعا‭ ‬لمسارها‭ ‬ثم‭ ‬بارك‭ ‬الصفقة‭ ‬النهائية‭.. ‬وانتقل‭ ‬من‭ ‬أحضان‭ ‬هذه‭ ‬الى‭ ‬عصمة‭ ‬تلك،‭ ‬وهو‭ ‬يحس‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬غالي‮»‬،‭ ‬بل‭ ‬وربما‭ ‬لو‭ ‬قرأ‭ ‬مقالي‭ ‬هذا‭ ‬صاح‭ ‬بلهجة‭ ‬استخفاف‭: ‬دي‭ ‬غيرة‭ ‬مرضية‭ ‬يا‭ ‬أبو‭ ‬الجعافر‭.. ‬مفيش‭ ‬واحدة‭ ‬مستعدة‭ ‬تشتريك‭ ‬بنصف‭ ‬دولار؟‭ ‬صح‭ ‬لسانك‭ ‬يا‭ (‬واو‭).. ‬فعلا‭ ‬مفيش‭ ‬واحدة‭ ‬مستعدة‭ ‬تشتريني‭ ‬بنص‭ ‬دولار‭ ‬لأنني‭ ‬لست‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬لبيع‭ ‬نفسي‭/ ‬جسمي‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬ضميري‭ ‬بنصف‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭.. ‬يا‭ ‬حمار‭!‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا