العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

بيئتنا إرث وطني وركيزة لتطوير السياحة البحرية وفق الرؤية الاقتصادية 2050

بقلم: د. فاطمة ناصر

الخميس ٠٦ يونيو ٢٠٢٤ - 02:00

إنَّ‭ ‬حماية‭ ‬بيئتنا‭ ‬مسؤولية‭ ‬الجميع،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬أن‭ ‬موضوع‭ ‬البيئة‭ ‬أصبح‭ ‬قضية‭ ‬عالمية‭ ‬بكافة‭ ‬أبعادِها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬استثناء،‭ ‬تحظى‭ ‬باهتمامٍ‭ ‬دولي،‭ ‬يطرحُ‭ ‬مشكلاتها،‭ ‬وتعقد‭ ‬لها‭ ‬القمم‭ ‬والمؤتمرات‭ ‬والاجتماعات‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لإيجاد‭ ‬الحلول‭ ‬الناجعة‭ ‬والمُبتكرة‭ ‬لكافة‭ ‬تحدياتها،‭ ‬حيثُ‭ ‬تم‭ ‬تخصيص‭ ‬الاحتفال‭ ‬باليوم‭ ‬العالمي‭ ‬للبيئة‭ ‬الذي‭ ‬يعدّ‭ ‬من‭ ‬الفعاليات‭ ‬البيئية‭ ‬المهمة‭ ‬كونه‭ ‬يسلطُ‭ ‬الضوءَ‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬البيئة‭ ‬والحفاظ‭ ‬عليها‭ ‬واستدامتها‭ ‬للأجيال‭ ‬القادمة،‭ ‬مما‭ ‬يسهم‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬مستوى‭ ‬الوعي‭ ‬البيئي‭ ‬لدى‭ ‬مُختلف‭ ‬أفراد‭ ‬فئات‭ ‬المُجتمع،‭ ‬وبالتالي‭ ‬تغيير‭ ‬وتحسين‭ ‬أنماط‭ ‬سلوكنا‭ ‬تجاه‭ ‬مواردنا‭ ‬البيئية،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬الفعاليات‭ ‬التي‭ ‬يتضمنها‭ ‬الاحتفال‭ ‬السنوي‭ ‬لزيادة‭ ‬الوعي‭ ‬البيئي‭ ‬بين‭ ‬الجمهور،‭ ‬وتعزيز‭ ‬المعارف‭ ‬والمهارات‭ ‬والاتجاهات‭ ‬والقيم‭ ‬المرتبطة‭ ‬بسلامة‭ ‬وتعافي‭ ‬بيئة‭ ‬المملكة‭ ‬وجمالها‭ ‬والمُحافظة‭ ‬عليها،‭ ‬وتنمية‭ ‬رُوح‭ ‬المبادرة‭ ‬والحس‭ ‬البيئي‭ ‬لدى‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬والمقيمين‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬الطيبة‭.‬

تتشكل‭ ‬البيئة‭ ‬من‭ ‬المحيط‭ ‬البيولوجي‭ ‬أو‭ ‬كافة‭ ‬جوانب‭ ‬الحياة،‭ ‬والمحيط‭ ‬المصنوع‭ ‬هو‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يبتكره‭ ‬الإنسان،‭ ‬أو‭ ‬يقيمه‭ ‬أو‭ ‬يبنيه،‭ ‬والمحيط‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وهو‭ ‬ينظم‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬المحيط‭ ‬البيولوجي،‭ ‬والاجتماعي‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬قوانين‭ ‬تحكم‭ ‬استهلاك‭ ‬وترشيد‭ ‬استهلاك‭ ‬المحيط‭ ‬المصنوع‭ ‬للموارد‭ ‬البيئية،‭ ‬وإعادة‭ ‬تدويرها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬التي‭ ‬تحقق‭ ‬الرفاهية،‭ ‬وتضمن‭ ‬حقوق‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬الحضارية؛‭ ‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬المملكة‭ ‬تحرص‭ ‬على‭ ‬القيام‭ ‬بدورٍ‭ ‬فاعلٍ‭ ‬مع‭ ‬المُجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬البيئة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬انضمامِها‭ ‬إلى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الاتفاقيَّات‭ ‬الدوليَّة‭ ‬مثل‭ ‬اتفاقية‭ ‬التنوُّع‭ ‬الحيوي،‭ ‬باعتباره‭ ‬من‭ ‬الأساسيات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بصحة‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬دعمه‭ ‬النظمَ‭ ‬البيئية‭ ‬التي‭ ‬نعتمد‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المجالات‭ ‬كالغذاء‭ ‬وغيره‭.‬

وإنه‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬استعادة‭ ‬النظم‭ ‬البيئية‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬والبحرية‭ ‬بشكل‭ ‬خاص،‭ ‬والذي‭ ‬يأتي‭ ‬ضمن‭ ‬سياق‭ ‬الحاجة‭ ‬الملحة‭ ‬لاتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬مستقبلية،‭ ‬طموحة‭ ‬لوضع‭ ‬إطار‭ ‬واضح‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬النظم‭ ‬البيئية‭ ‬والتنوع‭ ‬البيئي‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬بالشكل‭ ‬الذي‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬بيئة‭ ‬مستدامة‭ ‬للأجيال‭ ‬المقبلة،‭ ‬حيثُ‭ ‬إن‭ ‬اهتمام‭ ‬المملكة‭ ‬متمثلة‭ ‬بمؤسسات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬كافة،‭ ‬يأتي‭ ‬تأكيدًا‭ ‬لأهمية‭ ‬دور‭ ‬البيئة‭ ‬المهم‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬حياة‭ ‬سليمة‭ ‬لكل‭ ‬فرد‭ ‬يعيش‭ ‬على‭ ‬أرضها‭ ‬تماشيًا‭ ‬مع‭ ‬اهتمام‭ ‬القيادة‭ ‬الرشيدة‭ ‬بتطوير‭ ‬الموارد‭ ‬والثروات‭ ‬الطبيعية‭ ‬مسترشدة‭ ‬برؤيتها‭ ‬الوطنية‭ ‬2030،‭ ‬وما‭ ‬انبثق‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬خطط‭ ‬واستراتيجيات‭ ‬تنموية،‭ ‬وقد‭ ‬سخرت‭ ‬كل‭ ‬طاقاتها‭ ‬للعمل‭ ‬البناء‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬البيئة‭ ‬المستدامة،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬النظم‭ ‬البيئية‭.‬

ويعدّ‭ ‬اليوم‭ ‬العالمي‭ ‬للبيئة،‭ ‬الذي‭ ‬يُشرف‭ ‬عليه‭ ‬برنامج‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للبيئة‭ ‬ويُحتفل‭ ‬به‭ ‬سنويًا‭ ‬في‭ ‬5‭ ‬يونيو‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1973،‭ ‬أكبر‭ ‬منصة‭ ‬عالمية‭ ‬للتوعية‭ ‬البيئية‭ ‬العامة،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬نتطرق‭ ‬إلى‭ ‬مدى‭ ‬ارتباط‭ ‬نظافة‭ ‬البيئة‭ ‬بالسياحة،‭ ‬حيث‭ ‬يرتبط‭ ‬مفهوم‭ ‬السياحة‭ ‬المستدامة‭ ‬الآمنة‭ ‬بالبرامج‭ ‬السياحية‭ ‬التي‭ ‬تأخذ‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬احتياجات‭ ‬البيئة‭ ‬ودرجة‭ ‬الوعي‭ ‬المحلي‭ ‬بهدف‭ ‬استدامة‭ ‬المشروعات‭ ‬السياحية‭ ‬في‭ ‬الجانب‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬من‭ ‬التلوث‭ ‬جراء‭ ‬بعض‭ ‬النشاطات‭ ‬السياحية‭ ‬في‭ ‬مسعى‭ ‬جاد‭ ‬ومستدام‭ ‬لتكامل‭ ‬المتعة‭ ‬السياحية‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد‭.‬

وباتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬حماية‭ ‬البيئة‭ ‬البحرية‭ ‬سوف‭ ‬نتمكن‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬الى‭ ‬تطوير‭ ‬وتعزيز‭ ‬السياحة‭ ‬البحرية‭ ‬بشكل‭ ‬أوسع،‭ ‬وخاصة‭ ‬أننا‭ ‬مقبلون‭ ‬على‭ ‬موسم‭ ‬الصيف‭ ‬الذي‭ ‬يقل‭ ‬فيه‭ ‬توافد‭ ‬السياح‭ ‬على‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬نظرًا‭ ‬للظروف‭ ‬المناخية،‭ ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬قد‭ ‬حباها‭ ‬الله‭ ‬بواجهات‭ ‬بحرية،‭ ‬وعيون‭ ‬طبيعية‭ ‬كانت‭ ‬سابقًا‭ ‬مزدهرة‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬مناطق‭ ‬المملكة،‭ ‬والتي‭ ‬تبلغ‭ ‬طول‭ ‬هذه‭ ‬الواجهات‭ ‬البحرية‭ ‬والسواحل‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬حوالي‭ ‬125‭ ‬كيلومترا‭ ‬متصلة‭ ‬بالبحر‭ ‬المحيط‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬جهاتها‭ ‬الأربع،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬باقي‭ ‬جزر‭ ‬البحرين‭ ‬الأخرى‭ ‬غير‭ ‬المستثمرة‭ ‬إلى‭ ‬الآن‭ ‬استثمارًا‭ ‬يحقق‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬للمملكة،‭ ‬والتي‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تطوير‭ ‬مرافقها‭ ‬السياحية‭ ‬وتوجيه‭ ‬الاستثمار‭ ‬السياحي،‭ ‬فيها‭ ‬بما‭ ‬يحقق‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬للمملكة،‭ ‬حيث‭ ‬إنها‭ ‬وسيلة‭ ‬فاعلة‭ ‬لتوفير‭ ‬فرص‭ ‬العمل،‭ ‬خاصة‭ ‬للعمالة‭ ‬الوطنية‭ ‬بما‭ ‬توفره‭ ‬من‭ ‬وظائف‭ ‬وأعمال‭ ‬وفرص‭ ‬استثمار‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬الحيوي،‭ ‬كما‭ ‬ينبغي‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الشواطئ‭ ‬البحرية‭ ‬بالشكل‭ ‬الذي‭ ‬يوفر‭ ‬للمواطنين‭ ‬والمقيمين‭ ‬والسياح‭ ‬فسحة‭ ‬حقيقية‭ ‬ومستدامة‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬العام،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تهيئة‭ ‬هذه‭ ‬الشواطئ‭ ‬وتطويرها‭ ‬والعناية‭ ‬الفاعلة‭ ‬بنظافة‭ ‬السواحل،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توفير‭ ‬الخدمات‭ ‬التي‭ ‬تحوله‭ ‬إلى‭ ‬فضاء‭ ‬جاذب‭ ‬خاصة‭ ‬للسياحة‭ ‬الداخلية‭ ‬للمواطنين‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬الموسم‭ ‬الصيفي‭. ‬وتشير‭ ‬الدراسات‭ ‬الى‭ ‬ثراء‭ ‬سواحل‭ ‬ومياه‭ ‬المملكة‭ ‬بالتنوع‭ ‬الطبيعي،‭ ‬والتي‭ ‬تعتبر‭ ‬موطنا‭ ‬للكثير‭ ‬من‭ ‬الطيور‭ ‬المحلية‭ ‬والمهاجرة‭ ‬مثل‭ ‬الصقور‭ ‬وخصوصا‭ ‬صقور‭ ‬حوار‭ ‬النادرة‭ ‬وعقاب‭ ‬السمك‭ ‬وطيور‭ ‬الخرشنة‭ ‬والغراب‭ ‬السوقطري،‭ ‬وغيرها‭.‬

إن‭ ‬البيئة‭ ‬البحرية‭ ‬والساحلية‭ ‬لها‭ ‬تأثيرات‭ ‬جوهرية‭ ‬على‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬ومنطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬بشكل‭ ‬عام؛‭ ‬لذا‭ ‬فقد‭ ‬أولتها‭ ‬المملكة‭ ‬اهتمامًا‭ ‬خاصًا‭ ‬لتصبح‭ ‬حماية‭ ‬البيئة‭ ‬ركيزة‭ ‬من‭ ‬ركائز‭ ‬الرؤية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬2030،‭ ‬وقد‭ ‬سنّت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القوانين‭ ‬والتشريعات‭ ‬ووفرت‭ ‬الامكانيّات‭ ‬وأقامت‭ ‬المحميات‭ ‬وشجّعت‭ ‬الأبحاث‭ ‬ونشر‭ ‬التوعية،‭ ‬كما‭ ‬طبّقت‭ ‬الروادع‭ ‬والعقوبات‭ ‬واتخذت‭ ‬مختلف‭ ‬الإجراءات‭ ‬لمواجهة‭ ‬تلك‭ ‬المخاطر‭ ‬والحدّ‭ ‬من‭ ‬عواقبها‭. ‬فقد‭ ‬انضمت‭ ‬المملكة‭ ‬إلى‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والعالمية‭ ‬الهادفة‭ ‬إلى‭ ‬حماية‭ ‬الثروات‭ ‬البحريّة،‭ ‬وفي‭ ‬إطار‭ ‬جهودها‭ ‬لحماية‭ ‬البيئة‭ ‬والحفاظ‭ ‬عليها‭ ‬وفق‭ ‬رؤيتها‭ ‬للتنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬وبالاستعانة‭ ‬بنتائج‭ ‬البحوث‭ ‬العلمية،‭ ‬وهي‭ ‬بمثابة‭ ‬القاعدة‭ ‬التي‭ ‬توفر‭ ‬الشروط‭ ‬المطلوبة‭ ‬لحماية‭ ‬البيئة‭ ‬البحرية‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬توازنها‭ ‬الطبيعي‭ ‬واستدامتها‭ ‬وتنوّعها،‭ ‬حيثُ‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬التعاون‭ ‬أثمر‭ ‬نتائج‭ ‬مهمّة‭ ‬تصبّ‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬جودة‭ ‬وتنوّع‭ ‬البيئة‭ ‬البحرية‭ ‬وإنقاذ‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الكائنات‭ ‬المعرضة‭ ‬للانقراض‭ ‬وأهمها‭ ‬بعض‭ ‬أنواع‭ ‬السلاحف‭ ‬والأسماك‭ ‬وبقر‭ ‬البحر،‭ ‬إضافةً‭ ‬إلى‭ ‬حماية‭ ‬مواطن‭ ‬الكائنات‭ ‬البحرية‭ ‬والشعاب‭ ‬المرجانية‭ ‬والأعشاب‭ ‬والأشجار‭ ‬والطحالب‭ ‬البحريّة‭ ‬وغيرها‭.‬

إن‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬الاشتراطات‭ ‬الصارمة‭ ‬لحماية‭ ‬البيئة‭ ‬البحرية،‭ ‬فقد‭ ‬أولت‭ ‬البيئة‭ ‬والتنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬أهمية‭ ‬كبرى‭ ‬تمثلت‭ ‬في‭ ‬إدراج‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬كأحد‭ ‬أهم‭ ‬ركائز‭ ‬رؤيتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬2030،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬خطط‭ ‬وبرامج‭ ‬واضحة‭ ‬تهدف‭ ‬لصون‭ ‬وحماية‭ ‬البيئة‭ ‬وتوازنها‭ ‬الطبيعي،‭ ‬وتحقيقًا‭ ‬لتنمية‭ ‬شاملة‭ ‬ومستدامة‭ ‬لكافة‭ ‬الأجيال‭ ‬المقبلة‭.‬

إن‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬واستدامتها‭ ‬تتصدر‭ ‬أولويات‭ ‬الرؤية‭ ‬الوطنية‭ ‬2030،‭ ‬وبالتأكيد‭ ‬هي‭ ‬إحدى‭ ‬أهم‭ ‬الركائز‭ ‬في‭ ‬رؤية‭ ‬2050،‭ ‬انطلاقًا‭ ‬من‭ ‬تنفيذ‭ ‬القوانين‭ ‬وفق‭ ‬اشتراطات‭ ‬صارمة‭ ‬لحماية‭ ‬البيئة‭ ‬البحرية،‭ ‬والمحافظة‭ ‬على‭ ‬الشعاب‭ ‬المرجانية،‭ ‬واستخدام‭ ‬وسائل‭ ‬صيد‭ ‬صديقة‭ ‬للبيئة،‭ ‬وتقليل‭ ‬الأثر‭ ‬العمراني‭ ‬وخاصة‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالشواطئ،‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الاشتراطات‭ ‬والإجراءات‭ ‬سوف‭ ‬تساعد‭ ‬في‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬البحريّة‭ ‬واستدامتها‭ ‬وتوظيفها‭ ‬في‭ ‬إنجاح‭ ‬الخطة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬للسياحة‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬والتي‭ ‬تعتبر‭ ‬الواجهات‭ ‬والأنشطة‭ ‬البحرية‭ ‬إحدى‭ ‬ركائزها‭ ‬الأساسية‭. ‬

لذا‭ ‬فإن‭ ‬واقع‭ ‬البيئة‭ ‬البحرية‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬بحاجة‭ ‬ماسة‭ ‬إلى‭ ‬تكاتف‭ ‬الجهود‭ ‬الوطنية،‭ ‬لتفادي‭ ‬المخاطر‭ ‬التي‭ ‬تهدّد‭ ‬الكائنات‭ ‬البحرية‭ ‬المهددة‭ ‬بالانقراض‭ ‬لأسباب‭ ‬عديدة‭ ‬منها‭ ‬أسباب‭ ‬طبيعية،‭ ‬وتغيرات‭ ‬المناخ،‭ ‬ارتفاع‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬سلبًا‭ ‬على‭ ‬الشعاب‭ ‬المرجانية‭ ‬وصحتها،‭ ‬ارتفاع‭ ‬نسبة‭ ‬التبخر،‭ ‬وأسبابًا‭ ‬بشرية‭ ‬مثل‭ ‬التلوث،‭ ‬والصيد‭ ‬الجائر،‭ ‬والتلوث‭ ‬الحديث‭ ‬الناتج‭ ‬من‭ ‬جزيئات‭ ‬البلاستيك‭ ‬التي‭ ‬ينتهي‭ ‬بها‭ ‬المطاف‭ ‬متركزة‭ ‬في‭ ‬أجسام‭ ‬الكائنات‭ ‬البحرية،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬جسم‭ ‬الإنسان‭ ‬أثناء‭ ‬تناول‭ ‬الغذاء،‭ ‬فهي‭ ‬بحاجة‭ ‬ماسة‭ ‬إلى‭ ‬تكثيف‭ ‬سبل‭ ‬الحماية‭ ‬الوطنية،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬البيئة‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬خطط‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬ولا‭ ‬يحدث‭ ‬ذلك‭ ‬إلا‭ ‬بالعمل‭ ‬على‭ ‬نشر‭ ‬ثقافة‭ ‬التطوع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬البيئة،‭ ‬وزيادة‭ ‬التوعية‭ ‬بأهمية‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬البحرية‭ ‬وتعليم‭ ‬المجتمع‭ ‬عن‭ ‬التأثيرات‭ ‬السلبية‭ ‬للأنشطة‭ ‬البشرية‭ ‬على‭ ‬الحياة‭ ‬البحرية،‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حملات‭ ‬توعوية،‭ ‬وبرامج‭ ‬تعليمية،‭ ‬وتشجيع‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬الأنشطة‭ ‬التطوعية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بحماية‭ ‬البيئة‭ ‬البحرية،‭ ‬والتوصل‭ ‬لاتفاقات‭ ‬مؤسسية‭ ‬مجتمعية‭ ‬حول‭ ‬حماية‭ ‬الكائناتِ‭ ‬البحريةِ‭ ‬المهددةِ‭ ‬بالانقراض،‭ ‬وإيجاد‭ ‬حلول‭ ‬فعلية‭ ‬تُسهمُ‭ ‬في‭ ‬المحافظةِ‭ ‬على‭ ‬البيئةِ‭ ‬البحريةِ،‭ ‬والتقليلِ‭ ‬من‭ ‬التأثيراتِ‭ ‬البيئيةِ‭ ‬التي‭ ‬أدّت‭ ‬إلى‭ ‬تدهورِ‭ ‬الحياة‭ ‬البحريةِ‭ ‬وانقراضِ‭ ‬العديدِ‭ ‬من‭ ‬الأنواعِ‭ ‬الهامة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬النظام‭ ‬البيئي‭ ‬البحري‭.‬

وبالطبع،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬السابقة‭ ‬هي‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬استراتيجية‭ ‬شاملة‭ ‬لحماية‭ ‬شواطئ‭ ‬والبيئة‭ ‬البحرية‭ ‬للمملكة‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬كنزًا‭ ‬طبيعيًا‭ ‬واقتصاديًا،‭ ‬حيثً‭ ‬تتضمن‭ ‬تطبيق‭ ‬حلول‭ ‬جذرية‭ ‬تحمي‭ ‬بيئتنا‭ ‬البحرية‭ ‬لمئات‭ ‬السنين‭ ‬المقبلة،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬اهتمام‭ ‬المملكة‭ ‬بملف‭ ‬تطوير‭ ‬السواحل‭ ‬وحماية‭ ‬المقدرات‭ ‬البيئية،‭ ‬وبالأخص‭ ‬البيئية‭ ‬البحرية،‭ ‬والمشروعات‭ ‬الرائدة‭ ‬لتنمية‭ ‬تلك‭ ‬المناطق،‭ ‬وحفظ‭ ‬الموائل‭ ‬البحرية،‭ ‬ودعم‭ ‬الصيادين،‭ ‬وزيادة‭ ‬المزارع‭ ‬السمكية،‭ ‬سيكون‭ ‬له‭ ‬بالغ‭ ‬الأثر‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬قدرة‭ ‬المملكة‭ ‬على‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الثروات‭ ‬البحرية،‭ ‬وخاصة‭ ‬السياحة‭ ‬البحرية،‭ ‬وتوفير‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬والبيئي‭. ‬وخلاصة‭ ‬القول،‭ ‬إن‭ ‬سلامة‭ ‬البيئية‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬حفظ‭ ‬الأمن‭ ‬الوطني‭ ‬البيئي‭ ‬والتنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬التدهور‭ ‬البيئي‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان‭. ‬إن‭ ‬مصير‭ ‬كوكبنا‭ ‬وأجيالنا‭ ‬القادمة‭ ‬بين‭ ‬أيدينا‭. ‬إذا‭ ‬تصرفنا‭ ‬بسرعة‭ ‬واتخذنا‭ ‬خطوات‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬بيئتنا‭ ‬بشكل‭ ‬فعلي،‭ ‬فلن‭ ‬نواجه‭ ‬تحديات‭ ‬بيئية‭ ‬وصحية‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬حياتنا‭ ‬ومستقبل‭ ‬أجيالنا‭.‬

{ ‭ ‬مختصة‭ ‬في‭ ‬فلسفة‭ ‬الدراسات‭ ‬

البيئية‭ ‬وآليات‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا