العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

انفجار مضحك

من‭ ‬آيات‭ ‬علو‭ ‬كعب‭ ‬النساء‭ ‬أخلاقيا،‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬حكم‭ ‬النادر‭ ‬جدا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تعاكس‮»‬‭ ‬بنت‭ ‬الرجال،‭ ‬بينما‭ ‬هناك‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الرجال‭ ‬ابتلاه‭ ‬الله‭ ‬بـ«البصبصة‮»‬،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تمر‭ ‬امرأة‭ ‬أمام‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الصنف،‭ ‬إلا‭ ‬وتابعها‭ ‬بعينيه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تتجاوز‭ ‬مدى‭ ‬الرؤية،‭ ‬أو‭ ‬تدخل‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الرؤية،‭ ‬وقد‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬اعجابه‭ ‬بها‭ ‬بالكلام‭. ‬أتحدث‭ ‬هنا‭ ‬عن‭ ‬الصنف‭ ‬الذي‭ ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬إحدى‭ ‬شخصيات‭ ‬رواية‭ ‬‮«‬موسم‭ ‬الهجرة‭ ‬الى‭ ‬الشمال‮»‬،‭ ‬للحبيب‭ ‬الراحل‭ ‬الطيب‭ ‬صالح،‭ ‬يرفع‭ ‬شعار‭ ‬‮«‬الفحل‭ ‬مو‭ ‬عواف‮»‬‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬الرجل‭ ‬الفحل‭ ‬لا‭ ‬يعاف‭ ‬أي‭ ‬أنثى،‭ ‬وهناك‭ ‬بالطبع‭ ‬نساء‭ ‬يستجدين‭ ‬البصبصة‭ ‬من‭ ‬الرجال‭ ‬بعرض‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬تضاريس‭ ‬أجسامهن،‭ ‬بارتداء‭ ‬ملابس‭ ‬ذات‭ ‬فتحات‭ ‬كثيرة‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬لتلك‭ ‬الفتحات‭ ‬بـ«التهوية‮»‬‭. ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬قرأت‭ ‬حكاية‭ ‬السيدة‭ ‬البريطانية‭ ‬أليسون‭ ‬تشابمان،‭ ‬ضحكت‭. ‬ضحكت‭ ‬عليها‭ ‬لأنني‭ ‬تخيلت‭ ‬رجلا‭ ‬بصبصجيّاً‭ ‬يمد‭ ‬عنقه‭ ‬ليتأمل‭ ‬صدرها‭ ‬الناهد،‭ ‬النافر‭.. ‬ثم‭: ‬بووووم‭... ‬انفجار‭ ‬وصراخ‭ ‬وإسعاف،‭ ‬والفرجة‭ ‬ببلاش‭.‬

السيدة‭ ‬تشابمان‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬قامت‭ ‬بعملية‭ ‬تكبير‭ ‬لنهديها،‭ ‬وفخورة‭ ‬بصدرها‭ ‬المكوّر،‭ ‬ورغم‭ ‬أنها‭ ‬تبلغ‭ ‬الـ45‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬حريصة‭ ‬على‭ ‬التباهي‭ ‬بنهديها‭ ‬الفالصو‭ ‬في‭ ‬اللقاءات‭ ‬مع‭ ‬الأقارب‭ ‬والأصدقاء،‭ ‬وذات‭ ‬يوم‭ ‬ملأت‭ ‬حوض‭ ‬الحمام‭ (‬البانيو‭) - ‬وهو‭ ‬أسخف‭ ‬اختراع‭ ‬ولا‭ ‬يستخدمه‭ ‬إلا‭ ‬شخص‭ ‬فائق‭ ‬ورائق،‭ ‬لأنك‭ ‬تملأ‭ ‬البانيو‭ ‬وتستحم‭ ‬ثم‭ ‬تشطف‭ ‬جسمك‭ ‬بماء‭ ‬البانيو‭ ‬الملوث‭ ‬بالأوساخ‭ ‬التي‭ ‬خرجت‭ ‬من‭ ‬جسمك‭ - ‬شخصيا‭ ‬لا‭ ‬استخدم‭ ‬البانيو‭ ‬إلا‭ ‬كـ«كَمّادة‮»‬‭ ‬ساخنة،‭ ‬فإذا‭ ‬أحسست‭ ‬بألم‭ ‬في‭ ‬الظهر‭ ‬مثلا‭ ‬ملأت‭ ‬البانيو‭ ‬بماء‭ ‬ساخن‭ ‬بعض‭ ‬الشيء،‭ ‬وجلست‭ ‬فيه‭ ‬لنحو‭ ‬نصف‭ ‬ساعة‭. ‬ما‭ ‬لزوم‭ ‬هذا‭ ‬الاستطراد‭ ‬والقارئ‭ ‬متلهف‭ ‬لمتابعة‭ ‬تشابمان‭ ‬وهي‭ ‬تتأهب‭ ‬لدخول‭ ‬البانيو،‭ ‬وأكيد‭ ‬وقفت‭ ‬أمام‭ ‬المرآة‭ ‬قليلا‭ ‬وهي‭ ‬تقول‭: ‬يا‭ ‬أرض‭ ‬أحفظي‭ ‬ما‭ ‬عليك‭.. ‬وانهدي‭ ‬ما‭ ‬عليك‭ ‬قدي‭.. ‬ويبدو‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬تستخدم‭ ‬البانيو‭ ‬استخداما‭ ‬جعفريا‭ ‬بمعنى‭ ‬أنها‭ ‬ملأته‭ ‬بالماء‭ ‬الساخن،‭ ‬ومددت‭ ‬جسمها‭ ‬كله‭ ‬ما‭ ‬عدا‭ ‬الرأس‭ ‬داخل‭ ‬الماء،‭ ‬وأحست‭ ‬بالاسترخاء‭. ‬وفجأة‭ ‬دوي‭ ‬انفجار‭ ‬هائل‭.. ‬صرخت‭ ‬وحاولت‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬البانيو‭ ‬ولكنها‭ ‬تهاوت‭ ‬وغطست‭ ‬في‭ ‬الماء‭ ‬ثانية‭ ‬فكان‭ ‬الانفجار‭ ‬الثاني،‭ ‬وما‭ ‬انفجر‭ ‬هما‭ ‬النهدان‭ ‬المحشوان‭ ‬بالتبن‭ ‬الاصطناعي‭ ‬المسمى‭ ‬سيلكون،‭ ‬وهكذا‭ ‬امتلأ‭ ‬الحوض‭ ‬بفتافيت‭ ‬اللحم‭ ‬والسيليكون‭ ‬وصرخت‭: ‬يا‭ ‬لهوي‭ ‬يا‭ ‬لهوتيني‭ ‬يا‭ ‬تلات‭ ‬لهاويني‭ (‬بالإنجليزي‭)... ‬فجاء‭ ‬الجيران‭ ‬ثم‭ ‬جماعة‭ ‬الإسعاف،‭ ‬ونقلوها‭ ‬إلى‭ ‬المستشفى‭ ‬حيث‭ ‬بذل‭ ‬الجراحون‭ ‬جهدا‭ ‬خارقا‭ ‬لخياطة‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬فتافيت‭ ‬لحم‭ ‬صدرها‭ ‬منعا‭ ‬لحدوث‭ ‬التهابات‭ ‬تنجم‭ ‬عن‭ ‬تلوث‭ ‬الجراح‭ ‬الكثيرة‭ ‬والغائرة،‭ ‬وخرجت‭ ‬تشابمان‭ ‬من‭ ‬المستشفى‭ ‬وهي‭ ‬‮«‬ممسوحة‮»‬‭.. ‬أي‭ ‬لا‭ ‬أثر‭ ‬لنهد‭ ‬طبيعي‭ ‬أو‭ ‬فالصو‭ ‬في‭ ‬جسمها‭.. ‬ونالت‭ ‬تعويضا‭ ‬من‭ ‬المستشفى‭ ‬الذي‭ ‬أجرت‭ ‬فيه‭ ‬الجراحة‭ ‬ولكنها‭ ‬لم‭ ‬ولن‭ ‬تعوض‭ ‬أو‭ ‬تستعيد‭ ‬صدرها‭.‬

هل‭ ‬تظن‭ ‬أنني‭ ‬بلا‭ ‬قلب‭ ‬لأنني‭ ‬ضحكت‭ ‬عليها؟‭ ‬أنت‭ ‬حر،‭ ‬ولكنني‭ ‬أبتسم‭ ‬وأنا‭ ‬أكتب‭ ‬هذه‭ ‬السطور،‭ ‬ليس‭ ‬لأنني‭ ‬استنكر‭ ‬او‭ ‬أرفض‭ ‬عمليات‭ ‬التجميل‭ ‬جملة‭ ‬وتفصيلا‭ ‬بل‭ ‬لأنني‭ ‬أعتبر‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬يجري‭ ‬جراحة‭ ‬تجميل‭ ‬لغرض‭ ‬غير‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬عاهة،‭ ‬جاحدا‭ ‬و«معقدا‮»‬‭.. ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬أتعاطف‭ ‬مع‭ ‬أي‭ ‬امرأة‭ ‬تجري‭ ‬عملية‭ ‬تكبير‭ ‬نهد‭: ‬تكبريه‭ ‬ليش؟‭ ‬ليه؟‭ ‬لماذا؟‭ ‬واي؟‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬طلب‭ ‬زوجك‭ ‬ذلك‭ ‬فهو‭ ‬في‭ ‬تقديري‭ ‬رجل‭ ‬‮«‬مش‭ ‬ولابد‮»‬‭.. ‬وشخصيا‭ ‬استخدم‭ ‬السيلكون‭ ‬كثيرا،‭ ‬فقد‭ ‬علمتني‭ ‬التجربة‭ ‬أن‭ ‬الماء‭ ‬الذي‭ ‬يتسرب‭ ‬إلى‭ ‬داخل‭ ‬بيتي‭ ‬في‭ ‬الخرطوم‭ ‬بحري‭ ‬في‭ ‬موسم‭ ‬الأمطار،‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬نقطة‭ ‬التقاء‭ ‬زجاج‭ ‬النوافذ‭ ‬بإطارات‭ ‬وحواف‭ ‬النوافذ‭ ‬التي‭ ‬تكون‭ ‬مغطاة‭ ‬عادة‭ ‬بالسيلكون‭ ‬وهو‭ ‬مادة‭ ‬تجف‭ ‬وتتفتت‭ ‬عند‭ ‬التعرض‭ ‬المتكرر‭ ‬للحرارة،‭ ‬ولهذا‭ ‬لدي‭ ‬مسدس‭ ‬سيلكون‭ ‬لتأمين‭ ‬نوافذ‭ ‬بيتي،‭ ‬بينما‭ ‬مثيلات‭ ‬تشابمان‭ ‬يحشون‭ ‬صدورهن‭ ‬بالسيلكون‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬الصدر‭ ‬لا‭ ‬يسرب‭ ‬اللبن‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬الخريف‭ ‬كما‭ ‬تفعل‭ ‬نوافذ‭ ‬بيتي‭.‬

يا‭ ‬عزيزتي‭ ‬والله‭ ‬كل‭ ‬إنسان‭ ‬فيه‭ ‬ناحية‭ ‬جمالية‭ ‬تميزه‭ ‬عن‭ ‬الآخرين،‭ ‬فاحمدي‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬عندك،‭ ‬ولا‭ ‬تسلمي‭ ‬جسمك‭ ‬للجراح‭ ‬كي‭ ‬تكسبي‭ ‬نهدا‭ ‬قابلا‭ ‬للانفجار‭ ‬أو‭ ‬شفتين‭ ‬مثل‭ ‬شفتي‭ ‬أنجلينا‭ ‬جولي‭ ‬اللتين‭ ‬تشبهان‭ ‬مشفري‭ ‬الناقة‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا