بعد أكثر من سنتين من الفراغ السياسي عاش خلالها القطر اللبناني الشقيق مرحلة من عدم الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي وأزمات عديدة اقتصادية ومالية وسياسية وتراجع وفي الخدمات الأساسية وسط خلافات سياسية وطائفية ومذهبية دفع الشعب اللبناني الشقيق ثمنها غاليا من أمنه واستقراره ومعيشته تمكن لبنان من انتخاب رئيسه الجديد وهو جوزيف عون قائد الجيش اللبناني بعد جلسة تاريخية لمجلس النواب اللبناني تخللتها ساعتان للتشاور والاتفاق على انتخاب الرئيس الجديد حيث أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري انتخاب عون رئيسا جديدا للجمهورية اللبنانية ووضع حد للفراغ السياسي الذي عاشه لبنان وأثر سلبيا في أمن واستقرار البلاد والعباد وذلك بعد حصوله على 99 صوتا من أصل 126 صوتا ليكون الرئيس الـ14 للبنان وولاية رئاسية مدة 6 سنوات تستمر حتى 2031 ليبدأ لبنان مرحلة جديدة في تاريخه الحديث وطي صفحة الماضي بكل مآسيها وآلامها وأوجاعها سيطر خلالها حزب الله المدعوم من إيران على مفاصل الدول وتحكم في قرارات الحكومة اللبنانية وفي تعيين الوزراء ورئيس الوزراء وحتى رئيس الجمهورية واستمر التدخل السوري في الشأن اللبناني.
انتخاب الرئيس اللبناني الجديد جاء بعد تراجع نفوذ حزب الله في لبنان وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا بشكل سريع ومدوي ودراماتيكي وبفضل الدعم العربي والغربي الذي تلقاه لبنان للخروج من النفق المظلم الذي دخلت فيه البلاد بسبب عنجهية وغطرسة حزب الله الذي عرقل عمل الوزرات والأجهزة الحكومية وتم إدارة شؤون البلاد من خلال حكومة تسير الأعمال التي يرأسها نجيب ميغاتي دون أفق أو رؤية أو خطط أو برامج، ولذلك جاء أول خطاب للرئيس الجديد للجمهورية قويا وشفافا ليكون رسالة واضحة للجميع وفي مقدمتهم حزب الله الذي كان بمثابة دولة داخل دولة عندما أعلن أن احتكار السلاح للدولة فقط وأنه لا حصانات لمجرم أو مخالف ولا وجود لمافيات وتهريب المخدرات وتبيض الأموال في إشارة وتحد لحزب الله لتكون فترة ولايته بدء مرحلة جديدة في تاريخ لبنان السياسي الحديث عنوانها الرئيسي تحرير لبنان من سيطرة حزب الله إن صح التعبير ومن الهيمنة السورية في إطار تعزيز هيبة الدولة اللبنانية وتعزيز تحكمها في إدارة البلاد وفق الكفاءة الوطنية والاقتدار بعيدا عن الانتماءات الطائفية والمذهبية والعرقية والمجاملات.
إلا أن طريق الإصلاح وإعادة بناء الدولة اللبنانية لن يكون سهلا ولا مفروشا بالورود، بل هو طريقا صعب يتطلب ميزانيات ضخمة تفوق قدرة لبنان على توفيرها فضلا عن أن القوى الخاسرة سوف تعمل بكل الطرق والوسائل على عرقلة جهود البناء فأمام الرئيس الجديد تحديات عديدة منها:
أولا: إعادة الإعمار بعد الحروب التي أتت على الأخضر واليابس ودمرت البنية التحتية التي لم يبق منها شيء بما فيها الضاحية الجنوبية لبيروت فهل بمقدور الدولة اللبنانية توفير الأموال اللازمة لإعادة الإعمار في ظل الظروف المالية للبلاد؟
ثانيا: تطبيق الاتفاقية التي تنص على انسحاب إسرائيل من المناطق التي احتلتها في الجنوب في ظل التعنت الإسرائيلي والدعم الأمريكي الغربي للكيان الصهيوني مما يشكل تحديا جديدا للرئيس الجديد.
ثالثا: إصلاح الاقتصاد الذي دمر بسبب الحرب ووقف انهيار العملة المحلية «الليرة» التي فقدت 90% من قيمتها في ظل الانهيار المالي غير المسبوق.
رابعا: تحسين مستوى معيشة المواطن اللبناني الذي يرزح تحت وطأة الغلاء وانسداد الأفق بعد أن أصبح أكثر من 80% من سكان لبنان يعيشون تحت خطر الفقر.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك