اطلالة
هالة كمال الدين
halakamal99@hotmail.com
كيف نحقق هذه المعادلة الصعبة؟!!
في خطوة إضافية للقضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية، طالبت وزارة التربية الكويتية مؤخرا الإعلام باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق عدد من المجلات الإعلانية التي تنشر إعلانات الدروس الخصوصية، وضرورة عدم إعطاء هذه المجلات رخصة لنشرها، وذلك في ضوء استفحال الظاهرة التي عجزت الوزارة حتى الآن عن وضع حد لانتشارها، على الرغم من الخطوات العديدة التي اعتمدتها سابقا للقضاء عليها.
وقد أوضحت التربية أن قطاع التعليم العام يلزم جميع المعلمين والمعلمات المنتسبين إليه عدم إعطاء دروس خصوصية، مطالبة بتزويدها بالبيانات الوظيفية للمعلمين المعلنين ومراكز عملهم وصور عن بطاقاتهم المدنية لاتخاذ اللازم، ملوحة باتخاذ إجراءات رادعة تبدأ بكتابة التعهد عند توقيع المعلم عقد العمل مرورا بفتح مراكز مسائية للتقوية في جميع المناطق وبأسعار زهيدة، وانتهاء بفتح قناة تربوية تعرض الدروس العلمية والأدبية للطلاب والطالبات.
الواقع يقول إن الدروس الخصوصية تحولت اليوم في مجتمعاتنا كافة إلى موضة، ووسيلة تفاخر وتفاضل بين الطلبة وذويهم، لذلك باتت ظاهرة اجتماعية وتعليمية متداولة ومألوفة، وتنقسم الآراء حولها بين مؤيد ومعارض وكل له أسبابه، ولكن الأمر المؤكد هو أن اللجوء إليها يرتبط بشكل كبير بعدم أداء المعلم دوره المنوط به على أكمل وجه، واعتماده على أسلوب التلقين، واتكاله على وجود من يقوم عنه بمهمة استذكار معلوماته، وتنصله من واجباته، وعدم بذله الجهد المفروض والاعتيادي في إيصال المعلومات إلى الطلاب.
اليوم هناك نوع آخر من الدروس الخصوصية انتشر واستفحل بصورة مزعجة وهو ما يتم عبر الإنترنت، وأصبحت إعلاناته على مواقع التواصل أشبه بسوق السلع، وطغى النمط الافتراضي من التعلم، سواء عبر الاتصال المباشر صوتيا أو كتابيا أو مرئيا، وهو ما يطلق بالتدريس الخصوصي المتزامن، أو عن طريق الاتصال غير المباشر بين المعلم والمتعلم، الذي يسمى التدريس الخصوصي غير المتزامن، والذي يتم عبر تسجيلات مرئية أو صوتية أو البريد الصوتي أو الإلكتروني، وبالطبع لم يسلم هذا النوع من التدريس من ظاهرة الغلاء مثله مثل أي سلعة استهلاكية، وأصبحت المنافسة بين المعلمين على أشدها، وبتنا نسمع عن أرقام خيالية لأسعارها، حيث قفزت في بعض المواد إلى الضعف، وخاصة أوقات الاختبارات.
صحيح أن الدروس الخصوصية قد تسهم في رفع مستوى التحصيل العلمي للطالب وفي زيادة ثقته في نفسه، وفي خروجه من الأسلوب الروتيني اليومي، وفي تطوير مهارات المعلمين وخبرتهم في التعامل مع الطلبة، لكنها في الوقت نفسه تنمي داخل الطلاب روح الاتكالية، وتشجعهم على عدم الانتباه داخل الصف والغياب عن المدرسة، فضلا عن تحمل الأسر خاصة متوسطي ومنخفضي الدخل تكاليف باهظة.
لذلك يمكن القول إن الدروس الخصوصية بمختلف أشكالها ليست كلها ظاهرة سلبية، بل أحيانا قد تكون ضرورة، بمعنى آخر هي سلاح ذو حدين، لذلك يجب استخدامها لسد ثغرات معينة وفي حالات محددة، بمعنى آخر هي كالدواء كما شبهها البعض، يجب أن تكون جرعتها منطقية لحل مشكلة ما، أما الجرعة الزائدة منها فسوف تتحول إلى أداة مدمرة.
فكيف يمكن تحقيق هذه المعادلة الصعبة؟!!
هذا هو التحدي أمام المعنيين بالأمر!!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك