العدد : ١٧٠٧٩ - الخميس ٢٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٩ - الخميس ٢٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

هل هؤلاء بشر؟

رغم‭ ‬أن‭ ‬الطلاق‭ ‬حل‭ ‬بغيض‭ ‬عند‭ ‬الخالق‭ ‬والمخلوق،‭ ‬إلا‭ ‬أنني‭ ‬أعلن‭ ‬عن‭ ‬تعاطفي‭ ‬مع‭ ‬السيدة‭ ‬مريم‭ ‬في‭ ‬سعيها‭ ‬لتطليق‭ ‬زوجها‭ ‬محمد‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبحت‭ ‬حياتها‭ ‬معه‭ ‬جحيماً،‭ ‬بل‭ ‬وأدعوها‭ ‬إلى‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬مقاعد‭ ‬الدراسة،‭ ‬وأناشد‭ ‬السلطات‭ ‬التعليمية‭ ‬أن‭ ‬تعطيها‭ ‬الفرصة‭ ‬كي‭ ‬تلحق‭ ‬بزميلاتها‭ ‬في‭ ‬الصف‭ ‬الثالث‭ ‬الابتدائي‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬غادرت‭ ‬كرسي‭ ‬الدراسة‭ ‬وعمرها‭ ‬تسع‭ ‬سنوات‭ ‬لتتفرغ‭ ‬لشؤون‭ ‬زوجها‭ ‬وبيتها‭.‬

مريم‭ ‬هي‭ ‬السيدة‭ ‬الإيرانية‭ ‬البالغة‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬الآن‭ ‬عشر‭ ‬سنوات،‭ ‬والتي‭ ‬نشرت‭ ‬حكايتها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الصحف‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬اللغات،‭ ‬والتي‭ ‬طلبت‭ ‬الطلاق‭ ‬من‭ ‬بعلها‭ ‬البالغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬15‭ ‬سنة،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ضربها،‭ ‬ويبدو‭ ‬أن‭ ‬السيد‭ ‬محمد‭ ‬رجل‭ ‬حمش‭ ‬لأنه‭ ‬لم‭ ‬يكتف‭ ‬بضرب‭ ‬مريم،‭ ‬بل‭ ‬ضرب‭ ‬أمها‭ ‬أيضاً‭ ‬فدخل‭ ‬التاريخ‭ ‬كأول‭ ‬شرقي‭ ‬يعرف‭ ‬أن‭ ‬تأديب‭ ‬الزوجة‭ ‬يأتي‭ ‬عبر‭ ‬تأديب‭ ‬الحماة،‭ ‬ولا‭ ‬أقول‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬الهزل‭ ‬بل‭ ‬عن‭ ‬اقتناع‭ ‬بأن‭ ‬فشل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الزيجات‭ ‬تتسبب‭ ‬فيه‭ ‬الحموات‭ ‬بحشر‭ ‬أنوفهن‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬زوجة‭ ‬الابن‭ ‬أو‭ ‬زوج‭ ‬الابنة‭ ‬لتأليب‭ ‬هذا‭ ‬على‭ ‬تلك،‭ ‬ولو‭ ‬وجدن‭ ‬شخصاً‭ ‬مثل‭ ‬أبي‭ ‬حميد‭ ‬الايراني‭ ‬هذا‭ ‬يكسر‭ ‬أنوفهن‭ ‬لأمكن‭ ‬جبر‭ ‬كسر‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬البيوت‭.‬

وتذكرني‭ ‬حكاية‭ ‬مريم‭ ‬ومحمد‭ ‬التي‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬المحاكم‭ ‬بحكاية‭ ‬إيراني‭ ‬آخر‭ ‬أكن‭ ‬له‭ ‬احتراماً‭ ‬شديداً‭ ‬لأنه‭ ‬أيضاً‭ ‬طلق‭ ‬زوجته،‭ ‬وقد‭ ‬كتبت‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الزاوية‭ ‬قبل‭ ‬نحو‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات،‭ ‬وقد‭ ‬لجأ‭ ‬صاحبنا‭ ‬إلى‭ ‬الطلاق‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬مل‭ ‬زوجته‭ ‬وسئم‭ ‬منها،‭ ‬فقد‭ ‬ظلا‭ ‬متزوجين‭ ‬طوال‭ ‬65‭ ‬سنة،‭ ‬قال‭ ‬الشاعر‭ ‬ولعله‭ ‬زهير‭ ‬بن‭ ‬أبي‭ ‬سلمى‭..  (‬ومن‭ ‬يعش‭ ‬ثمانين‭ ‬حولا،‭ ‬لا‭ ‬أبالك‭ ‬يسأم‭) ‬فما‭ ‬بالك‭ ‬لو‭ ‬بقيت‭ ‬متزوجا‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬ستين؟‭  ‬ملل‭ ‬فظيع‭:  ‬يعني‭ ‬الواحد‭ ‬يطالع‭ ‬نفس‭ ‬الوجه‭ ‬بعد‭ ‬كذا‭ ‬وعشرين‭ ‬سنة‭ ‬من‭ ‬الزواج‭ ‬معقولة‭ ‬بعض‭ ‬الشيء،‭ ‬ولكن‭ ‬أن‭ ‬يرفع‭ ‬الرجل‭ ‬الشرقي‭ ‬الذي‭ ‬ولد‭ ‬مدللا‭ ‬رأسه‭ ‬ويجد‭ ‬إلى‭ ‬جواره‭ ‬وجهاً‭ ‬يشبه‭ ‬البيتزا،‭  ‬كل‭ ‬قطعة‭ ‬منه‭ (‬شكل‭) ‬فهذه‭ ‬كثيرة‭ ‬وكبيرة‭..  ‬بالإنجليزي‭:  ‬تو‭ ‬مَتش‭!! ‬معليش‭ ‬وسامحوني‭ ‬فزاويتي‭ ‬اليوم‭ ‬ليس‭ ‬فيها‭ ‬شيء‭ ‬مفرح،‭ ‬أو‭ ‬يحمل‭ ‬على‭ ‬الابتسام،‭ ‬بل‭ ‬المقصود‭ ‬منها‭ ‬إثارة‭ ‬القرف‭ ‬والغثيان،‭ ‬ولا‭ ‬تنكروا‭ ‬أننا‭ ‬قوم‭ ‬قد‭ ‬نذبح‭ ‬الفتاة‭ ‬إذا‭ ‬تلقت‭ ‬رسالة‭ ‬على‭ ‬هيئة‭ ‬وردة‭ ‬عبر‭ ‬الهاتف‭ ‬الجوال‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬نتحرى‭ ‬مصدرها،‭ ‬ونجيز‭ ‬للأخ‭ ‬قتل‭ ‬أخته‭ ‬باسم‭ ‬الشرف،‭ ‬ونكتشف‭ ‬لاحقاً‭ ‬أن‭ ‬القتيلة‭ ‬كانت‭ ‬عذراء‭ ‬وأن‭ ‬الأخ‭ ‬الشهم‭ ‬الشريف‭ ‬فعل‭ ‬فعلته‭ ‬كي‭ ‬لا‭ ‬تقاسمه‭ ‬أخته‭ ‬‮«‬الورث‮»‬‭. ‬

في‭ ‬باكستان‭ ‬ضمن‭ ‬جان‭ ‬محمد‭ ‬أحد‭ ‬أصدقائه‭ ‬في‭ ‬صفقة‭ ‬أرز‭ ‬قيمتها‭ ‬نحو‭ ‬800‭ ‬دولار،‭ ‬وعجز‭ ‬الصديق‭ ‬عن‭ ‬سداد‭ ‬الدين‭ ‬فطالب‭ ‬التاجر‭ ‬الضامن‭ ‬وهو‭ ‬جان‭ ‬محمد‭ ‬بأن‭ ‬يسد‭ ‬الدين،‭ ‬فلما‭ ‬أبلغه‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬ولا‭ ‬معشار‭ ‬هذا‭ ‬المبلغ‭ ‬قدم‭ ‬له‭ ‬التاجر‭ ‬عرضاً‭ (‬سخيا‭):  ‬تعطيني‭ ‬بنتك‭. ‬وبدون‭ ‬تردد‭ ‬باع‭ ‬جان‭ ‬محمد‭ ‬بنته‭ ‬البالغة‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬تسع‭ ‬سنوات‭ ‬إلى‭ ‬التاجر‭ ‬نظير‭ ‬اسقاط‭ ‬الثمانمائة‭ ‬دولار‭ ‬عنه‭ ‬كضامن‭ ‬لصديقه،‭ ‬وفي‭ ‬نظر‭ (‬الأعراف‭ ‬القبلية‭) ‬الباكستانية‭ ‬فقد‭ ‬أثبت‭ ‬التاجر‭ ‬أنه‭ ‬شهم‭ ‬حيث‭ ‬قام‭ ‬بتزويج‭ ‬البنت‭ ‬ذات‭ ‬السنوات‭ ‬التسع‭ ‬إلى‭ ‬أخيه‭ ‬عبدالستار‭ ‬الذي‭ ‬تجاوز‭ ‬الستين‭..  ‬ولولا‭ ‬أن‭ ‬محامياً‭ ‬ناشطاً‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬سمع‭ ‬بتلك‭ ‬الصفقة،‭ ‬لظلت‭ ‬الطفلة‭ ‬المسكينة‭ ‬سلعة‭ ‬تحت‭ ‬تصرف‭ ‬العجوز‭ ‬الدردبيس‭ ‬عبدالستار‭. ‬وتدخل‭ ‬المحامي‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الرابع‭ ‬من‭ ‬الصفقة‭ ‬ونجح‭ ‬في‭ ‬إبطالها‭ ‬ولنذهب‭ ‬إلى‭ ‬هونغ‭ ‬كونغ‭ ‬لنرى‭ ‬عينة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬الرجال‭ ‬الحقيرين‭ ‬غير‭ ‬الجديرين‭ ‬بالانتماء‭ ‬إلى‭ ‬الجنس‭ ‬البشري‭: ‬الرجل‭ ‬صيني‭ ‬اسمه‭ ‬لام‭ ‬واي‭ ‬شو‭ (‬اسم‭ ‬مناسب‭ ‬لأنه‭ ‬بالإنجليزية‭ ‬يعني‭ ‬الجزمة‭/‬الحذاء‭). ‬رزقه‭ ‬الله‭ ‬ببنت‭ ‬خديج‭ (‬لم‭ ‬تكمل‭ ‬9‭ ‬أشهر‭ ‬في‭ ‬بطن‭ ‬أمها‭) ‬وسماها‭ ‬آيريس،‭ ‬وكسائر‭ ‬الأطفال‭ ‬كانت‭ ‬تبكي‭ ‬فكان‭ ‬الأب‭ (‬جزمة‭) ‬هذا‭ ‬يضع‭ ‬فوطة‭ ‬على‭ ‬فمها‭ ‬لكتم‭ ‬صوتها،‭ ‬وذات‭ ‬مرة‭ ‬ضاق‭ ‬ببكائها‭ ‬ووضعها‭ ‬في‭ ‬ثلاجة،‭ ‬ولحسن‭ ‬حظ‭ ‬الطفلة‭ ‬فقد‭ ‬رأت‭ ‬صديقة‭ ‬للرجل‭ (‬الجزمة‭) ‬ما‭ ‬فعله،‭ ‬وأخرجت‭ ‬الطفلة‭ ‬من‭ ‬الثلاجة‭. ‬كان‭ ‬الصيني‭ ‬الجزمة‭ ‬يرج‭ ‬طفلته‭ ‬رجا‭ ‬كلما‭ ‬بكت‭ ‬حتى‭ ‬أصيبت‭ ‬بتلف‭ ‬في‭ ‬الدماغ‭ ‬والرئة،‭ ‬ثم‭ ‬أدركتها‭ ‬رحمة‭ ‬ربي‭ ‬و‭....  ‬ماتت‭...  ‬والله‭ ‬لو‭ ‬عادت‭ ‬عقارب‭ ‬الساعة‭ ‬إلى‭ ‬الوراء‭ ‬لـ‭ (‬سحبت‭) ‬أي‭ ‬ضربة‭ ‬وجهتها‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬عيالي،‭ ‬رغم‭ ‬أنني‭ ‬لم‭ ‬أضرب‭ ‬ايا‭ ‬منهم‭ ‬ضرباً‭ ‬مبرحا‭ ‬أو‭ ‬مؤلما،‭ ‬بل‭ ‬وفي‭ ‬لحظات‭ ‬انفلات‭ ‬أعصاب‭ ‬ضربت‭ ‬الواحد‭ ‬منهم‭ ‬مرة‭ ‬واحدة‭ ‬تكفي‭ ‬لزجره‭ ‬ونهيه‭ ‬عن‭ ‬الخطأ‭. ‬وعندما‭ ‬بدأ‭ ‬أكبر‭ ‬عيالي‭ ‬يفكر‭ ‬في‭ ‬الزواج‭ ‬قلت‭ ‬له‭: ‬لا‭ ‬تفعل‭ ‬بعيالك‭ ‬شيئاً‭ ‬كان‭ ‬يضايقك‭ ‬عندما‭ ‬يصدر‭ ‬عني‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا