العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

21 سنة في أخبار الخليج (2)

أكاد‭ ‬لا‭ ‬أصدق‭ ‬أنني‭ ‬ظللت‭ ‬أكتب‭ ‬مقالا‭ ‬يوميا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الصحيفة‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2002،‭ ‬والأعجب‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يغب‭ ‬اسمي‭ ‬وزاويتي‭ ‬‮«‬الغائمة‮»‬‭ ‬عنها‭ ‬إلا‭ ‬نحو‭ ‬خمس‭ ‬مرات،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬بسبب‭ ‬الضغط‭ ‬الإعلاني‭ (‬قولوا‭ ‬ما‭ ‬شاء‭ ‬الله‭)‬،‭ ‬نعم‭ ‬لم‭ ‬يختف‭ ‬اسمي‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الصحيفة‭ ‬طوال‭ ‬21‭ ‬سنة‭ ‬إلا‭... (‬من‭ ‬فضلك‭ ‬دقيقة‭ ‬لأحسب‭ ‬عدد‭ ‬مقالاتي‭ ‬فيها‭ ‬طوال‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬مستعينا‭ ‬بنظام‭ ‬الحساب‭ ‬في‭ ‬الكمبيوتر‭. ‬معذرة‭ ‬فالمسألة‭ ‬معقدة‭ ‬لأن‭ ‬هناك‭ ‬سنوات‭ ‬كبيسة‭ ‬وسنوات‭ ‬بسيطة‭ ‬ولكن‭ ‬بالتقريب‭ ‬نشرت‭ ‬نحو‭ ‬7660‭ ‬مقالا‭ ‬في‭ ‬أخبار‭ ‬الخليج‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭).‬

وما‭ ‬زلت‭ ‬مندهشا‭: ‬كيف‭ ‬صبر‭ ‬الجماعة‭ ‬في‭ ‬‮«‬أخبار‭ ‬الخليج‮»‬‭ ‬علي،‭ ‬أو‭ ‬كيف‭ ‬صبرت‭ ‬عليهم‭ ‬مدة‭ ‬تعادل‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬التقريب‭ ‬نصف‭ ‬المدة‭ ‬التي‭ ‬قضيتها‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الصحافة؟‭ ‬حتى‭ ‬صحف‭ ‬بلادي‭ ‬التي‭ ‬رحبت‭ ‬بي‭ ‬لم‭ ‬تصبر‭ ‬عليّ‭ ‬أو‭ ‬أصبر‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬منها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬خمس‭ ‬سنوات،‭ ‬فإما‭ ‬اسكتوني‭ ‬بأوامر‭ ‬عليا‭ ‬لأنني‭ ‬أخوض‭ ‬فيها‭ ‬في‭ ‬مياه‭ ‬ساخنة،‭ ‬وإما‭ ‬طفشت‭ ‬منها‭ ‬لسبب‭ ‬أو‭ ‬لآخر،‭ ‬ومنذ‭ ‬أن‭ ‬احترفت‭ ‬كتابة‭ ‬الأعمدة‭ ‬الصحفية‭ ‬تعاملت‭ ‬في‭ ‬قطر‭ ‬مع‭ ‬صحف‭ ‬الشرق‭ ‬والوطن‭ ‬والراية،‭ ‬وفي‭ ‬لندن‭ ‬مع‭ ‬مجلة‭ ‬المشاهد‭ ‬السياسي‭ ‬وجريدة‭ ‬القدس‭ ‬العربي‭ ‬ومجلة‭ ‬المجلة،‭ ‬وفي‭ ‬السعودية‭ ‬مع‭ ‬صحف‭ ‬الوطن‭ ‬وعكاظ‭ ‬واليوم‭ ‬وفي‭ ‬السودان‭ ‬مع‭ ‬صحف‭ ‬الراي‭ ‬العام‭ ‬وحكايات‭ ‬والسوداني‭ ‬والصحافة،‭ ‬ولم‭ ‬أستمرّ‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬منها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬متتالية‭.‬

ولهذا‭ ‬ظللت‭ ‬أسائل‭ ‬نفسي‭ ‬طوال‭ ‬الأيام‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭: ‬أي‭ ‬سحر‭ ‬وأي‭ ‬كيمياء‭ ‬جعلاني‭ ‬التصق‭ ‬بأخبار‭ ‬الخليج‭ ‬لواحد‭ ‬وعشرين‭ ‬سنة‭ ‬متتالية؟‭ ‬بالتأكيد‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ذلك‭ ‬لأن‭ ‬الصحيفة‭ ‬تعطيني‭ ‬مكافأة‭ ‬مهولة‭ ‬نظير‭ ‬مقالاتي‭ ‬المنشورة‭ ‬فيها،‭ ‬ولا‭ ‬لأن‭ ‬هناك‭ ‬علاقات‭ ‬صداقة‭ ‬شخصية‭ ‬قوية‭ ‬تربطني‭ ‬برئيس‭ ‬أو‭ ‬مدير‭ ‬تحريرها‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬فيها،‭ ‬فقد‭ ‬زرت‭ ‬مقر‭ ‬الجريدة‭ ‬مرة‭ ‬واحدة،‭ ‬وجالست‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬العاملين‭ ‬فيها‭ ‬ليلة‭ ‬واحدة‭ ‬في‭ ‬ضيافة‭/ ‬بيت‭ ‬رئيس‭ ‬التحرير‭ ‬الأستاذ‭ ‬أنور‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن‭.‬

التفسير‭ ‬المنطقي‭ ‬الوحيد‭ ‬لاستمرار‭ ‬علاقتي‭ ‬بهذه‭ ‬الصحيفة‭ ‬لسنوات‭ ‬طوال‭ ‬بلا‭ ‬انقطاع،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬إدارتها‭ ‬تتعامل‭ ‬باحترام‭ ‬شديد‭ ‬مع‭ ‬العاملين‭ ‬فيها‭ ‬وكتابها،‭ ‬وهذه‭ ‬نقطة‭ ‬يعرف‭ ‬أهميتها‭ ‬من‭ ‬ابتلاهم‭ ‬الله‭ ‬بامتهان‭ ‬الصحافة،‭ ‬فالصحفيون‭ ‬والكتاب‭ ‬لا‭ ‬يختلفون‭ ‬عن‭ ‬لاعبي‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬في‭ ‬النطنطة‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬لأخرى،‭ ‬ولكن‭ ‬لفت‭ ‬انتباهي‭ ‬أنني‭ ‬لست‭ ‬وحدي‭ ‬من‭ ‬صمد‭ ‬في‭ ‬أخبار‭ ‬الخليج‭ ‬طويلا،‭ ‬فمعظم‭ ‬المحررين‭ ‬الذين‭ ‬تواصلت‭ ‬معهم‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬بدأت‭ ‬الكتابة‭ ‬فيها‭ ‬ما‭ ‬زالوا‭ ‬موجودين‭ ‬فيها،‭ ‬ويلاحقونني‭ ‬بأثقل‭ ‬المكالمات‭ ‬والرسائل‭ ‬الالكترونية‭ ‬على‭ ‬قلبي‭ ‬‮«‬رصيدك‭ ‬لدينا‭ ‬خلصان‭. ‬أرجو‭ ‬إرسال‭ ‬مقال‭ ‬ليوم‭ ‬غد‭ ‬والأيام‭ ‬التالية‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬بالمعايدات‭ ‬والسؤال‭ ‬عن‭ ‬الحال‭. ‬

وثمة‭ ‬أمر‭ ‬قد‭ ‬يجد‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭ ‬الصحفيين‭ ‬حرجا‭ ‬في‭ ‬الخوض‭ ‬فيه،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬المقابل‭ ‬المادي‭ ‬نظير‭ ‬الكتابة،‭ ‬فقد‭ ‬قطعت‭ ‬علاقتي‭ ‬بعدة‭ ‬صحف‭ ‬كتبت‭ ‬فيها‭ ‬مقالات‭ ‬يومية‭ ‬لأنها‭ ‬صارت‭ ‬تتعامل‭ ‬معي‭ ‬كفاعل‭ ‬خير،‭ ‬ولا‭ ‬تدفع‭ ‬لي‭ ‬المكافأة‭ ‬المتفق‭ ‬عليها‭ ‬بيننا،‭ ‬أو‭ ‬لأنها‭ ‬تدفع‭ ‬لي‭ ‬تلك‭ ‬المكافأة‭ ‬موزعة‭ ‬على‭ ‬بضعة‭ ‬أقساط‭ ‬في‭ ‬السنة،‭ ‬بينما‭ ‬ظلت‭ ‬أخبار‭ ‬الخليج‭ ‬تودع‭ ‬مكافأتي‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬معين‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬شهر‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬السنوات‭ ‬ال21‭ ‬بانتظام‭ ‬مثير‭ ‬للاحترام،‭ ‬ولا‭ ‬يحسبن‭ ‬أحدكم‭ ‬أنني‭ ‬أتقاضى‭ ‬مبلغا‭ ‬يسيل‭ ‬اللعاب‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الصحيفة،‭ ‬بل‭ ‬أقول‭ ‬بكل‭ ‬قلة‭ ‬حياء‭ ‬إنها‭ ‬تدفع‭ ‬لي‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أقل‭ ‬المكافآت‭ ‬التي‭ ‬تقاضيتها‭ ‬من‭ ‬صحيفة‭ ‬خليجية‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬قرابة‭ ‬25‭ ‬سنة،‭ ‬ولكن‭ ‬عندما‭ ‬تفي‭ ‬صحيفة‭ ‬بالتزامها‭ ‬نحوك‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تضطر‭ ‬لملاحقتها،‭ ‬وعندما‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬مقرونا‭ ‬باحترام‭ ‬لشخصك‭ ‬في‭ ‬المراسلات‭ ‬والمكالمات‭ ‬الهاتفية،‭ ‬فإنك‭ - ‬لو‭ ‬كنت‭ ‬محترما‭ - ‬لن‭ ‬تقابل‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬سوى‭ ‬بالاحترام‭ ‬‮«‬الأشد‮»‬،‭ ‬والالتزام‭ ‬والوفاء‭ ‬وتعتبر‭ ‬ذلك‭ ‬أعلى‭ ‬قيمة‭ ‬من‭ ‬المال‭.‬

التحية‭ ‬لأخبار‭ ‬الخليج‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬رأس‭ ‬فيها‭ ‬إلى‭ ‬حارس‭ ‬مدخلها‭. ‬شكرا‭ ‬لأنكم‭ ‬فتحتم‭ ‬لي‭ ‬صفحاتكم‭ ‬وقلوبكم‭ ‬واستضفتموني‭ ‬ثم‭ ‬جعلتموني‭ ‬من‭ ‬‮«‬أرباب‭ ‬المنزل‮»‬،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يقوله‭ ‬غوغل‭ ‬وشركاه‭ ‬الذين‭ ‬ربطوا‭ ‬بين‭ ‬اسمي‭ ‬واسم‭ ‬الصحيفة‭ ‬حتى‭ ‬تماهيت‭ ‬فيها‭ ‬وتماهت‭ ‬فيّ‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا