العدد : ١٧٠٨٠ - الجمعة ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٠ - الجمعة ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

لماذا يقترن عباس بالإفلاس؟

أشرت‭ ‬قبل‭ ‬حين‭ ‬من‭ ‬الزمان‭ ‬عرضا‭ ‬الى‭ ‬هاشم‭ ‬عباس‭ ‬الذي‭ ‬فاق‭ ‬صيت‭ ‬جعفر‭ ‬عباس‭ ‬وأبو‭ ‬نواس‭ ‬بل‭ ‬حتى‭ ‬عباس‭ ‬بن‭ ‬فرناس،‭ ‬وكتبت‭ ‬عنه‭ ‬الصحف‭ ‬من‭ ‬اليابان‭ ‬إلى‭ ‬هندوراس،‭ ‬وإذا‭ ‬لم‭ ‬تسمع‭ ‬بحكايته‭ ‬فإليكها‭: ‬هو‭ ‬سوداني‭ ‬يعمل‭ ‬أو‭ ‬كان‭ ‬يعمل‭ ‬موظفا‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬البلدية‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬خليجية،‭ ‬وذهب‭ ‬إلى‭ ‬البنك‭ ‬ليسحب‭ ‬2500‭ ‬من‭ ‬عملة‭ ‬تلك‭ ‬الدولة‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬نصف‭ ‬راتبه‭ ‬الشهري،‭ ‬واكتشف‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬كان‭ ‬ثريا‮»‬‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬يعطيه‭ ‬شخص‭ ‬ما‭ ‬‮«‬خبرا‮»‬‭ ‬بذلك،‭ ‬فالورقة‭ ‬الصغيرة‭ ‬التي‭ ‬تسلمها‭ ‬وتحتوي‭ ‬بيانات‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬في‭ ‬رصيده‭ ‬البنكي‭ ‬أفادت‭ ‬بأن‭ ‬لديه‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليون‭ ‬ونصف‭ ‬المليون‭ ‬دولار‭ ‬ولأنه‭ ‬‮«‬مش‭ ‬وش‭ ‬نعمة‮»‬‭ ‬فقد‭ ‬أبلغ‭ ‬البنك‭ ‬فورا‭ ‬بأن‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬خطأ،‭ ‬وأن‭ ‬عليهم‭ ‬استعادة‭ ‬ملايينهم‭ ‬من‭ ‬حسابه‭. ‬خلي‭ ‬بالك‭ ‬وركِّز‭ ‬معي‭: ‬مستند‭ ‬رسمي‭ ‬من‭ ‬البنك‭ ‬قال‭ ‬له‭ ‬هذه‭ ‬الملايين‭ ‬بتاعتك‭ ‬وتخصك‭ ‬فيقول‭ ‬هو‭ ‬للبنك‭: ‬لا‭ ‬الفلوس‭ ‬هذه‭ ‬بتاعتكم‭ ‬وتبعكم‭ ‬وتخصكم‭.‬

هناك‭ ‬سر‭ ‬في‭ ‬اسم‭ ‬عباس‭.. ‬ويبدو‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬يحملونه‭ ‬مكتوب‭ ‬عليهم‭ ‬الإفلاس‭ ‬والوسواس‭.. ‬عندك‭ ‬هاشم‭ ‬عباس‭ ‬وعندك‭ ‬جعفر‭ ‬عباس‭ ‬وعندك‭ ‬محمود‭ ‬عباس‭ (‬أبو‭ ‬مازن‭) ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬ترضى‭ ‬به‭ ‬حماس،‭ ‬وتخطط‭ ‬لتصفيته‭ ‬الحركة‭ ‬الصهيونية‭ ‬المتطرفة‭ ‬‮«‬شاس‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬أنه‭ ‬صار‭ ‬غير‭ ‬راض‭ ‬عن‭ ‬نفسه‭ ‬وهدد‭ ‬مرارا‭ ‬بخلع‭ ‬السلطة‭ ‬والمنصب‭. ‬أستطيع‭ ‬ان‭ ‬أورد‭ ‬قائمة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الفقهاء‭ ‬والعلماء‭ ‬الذين‭ ‬يحملون‭ ‬اسم‭ ‬عباس‭ ‬ولكنني‭ ‬لم‭ ‬اسمع‭ ‬بلاعب‭ ‬كرة‭ ‬او‭ ‬مليونير‭ ‬خمس‭ ‬نجوم‭ ‬اسمه‭ ‬عباس‭ (‬وعباس‭ ‬بن‭ ‬فرناس‭ ‬نال‭ ‬شهرة‭ ‬لا‭ ‬يستحقها‭ ‬فقد‭ ‬حاول‭ ‬الطيران‭ ‬مستخدما‭ ‬ريش‭ ‬الطيور‭ ‬فسقط‭ ‬وهلك،‭ ‬وهو‭ ‬كما‭ ‬كولومبس‭ ‬الذي‭ ‬طلبوا‭ ‬منها‭ ‬اكتشاف‭ ‬طريق‭ ‬بحري‭ ‬الى‭ ‬الهند‭ ‬فوصل‭ ‬الى‭ ‬أمريكا‭ ‬وصار‭ ‬مكتشفها‭ ‬بالأونطة‭).‬

لنبق‭ ‬مع‭ ‬بلدياتي‭ ‬هاشم‭ ‬عباس،‭ ‬الذي‭ ‬رد‭ ‬الملايين‭ ‬للبنك‭ ‬ونال‭ ‬عاقبة‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬الساذجة،‭ ‬فما‭ ‬حدث‭ ‬هو‭ ‬ان‭ ‬البنك‭ ‬لم‭ ‬يقل‭ ‬له‭: ‬برافو‭ ‬يا‭ ‬أبو‭ ‬الهشم‭ ‬العبسي‭ ‬الله‭ ‬يكثر‭ ‬أمثالك‭ ‬الأمناء‭ ‬القنوعين‭ ‬العفيفين‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يريدون‭ ‬الثراء‭ ‬الحرام،‭ ‬بل‭ ‬عاقبه‭ ‬على‭ ‬أمانته‭ (‬ولهذا‭ ‬ولأسباب‭ ‬أخرى‭ ‬وصفت‭ ‬إرجاعه‭ ‬الملايين‭ ‬إلى‭ ‬البنك‭ ‬بالسذاجة‭).. ‬لم‭ ‬يعطوه‭ ‬نسبة‭ ‬عشرة‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬التي‭ ‬يحصل‭ ‬عليها‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يرد‭ ‬او‭ ‬يسلم‭ ‬مبلغا‭ ‬يخص‭ ‬الغير‭ ‬للجهات‭ ‬الرسمية،‭ ‬بل‭ ‬لم‭ ‬يعطوه‭ ‬خطاب‭ ‬شكر‭.. ‬جمدوا‭ ‬حسابه‭ ‬عندهم‭.. ‬موظف‭ ‬او‭ ‬كمبيوتر‭ ‬غبي‭ ‬جعل‭ ‬هاشم‭ ‬مليونيرا‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬يستأذن‭ ‬منه،‭ ‬وبدلا‭ ‬من‭ ‬معاقبة‭ ‬الموظف‭ ‬المهمل‭ ‬والمقصر‭ ‬أو‭ ‬قطع‭ ‬أسلاك‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬الغبي،‭ ‬عاقبوا‭ ‬هاشم‭ ‬عباس‭... ‬ولكن‭ ‬جهة‭ ‬عمله‭ ‬كرمته‭ ‬وأعطته‭ ‬راتب‭ ‬شهرين‭ ‬مكافأة‭.‬

كثيرا‭ ‬ما‭ ‬تساءلت‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬تخطئ‭ ‬البنوك‭ ‬معي‭ ‬وتضع‭ ‬في‭ ‬حسابي‭ ‬ملايين‭ ‬لا‭ ‬تخصني‭ ‬او‭ ‬اسحب‭ ‬ألفين‭ ‬من‭ ‬الصراف‭ ‬الآلي‭ ‬فيعطيني‭ ‬200‭ ‬ألف؟‭ ‬هل‭ ‬كنت‭ ‬سأحتفظ‭ ‬بتلك‭ ‬النقود‭ ‬رغم‭ ‬علمي‭ ‬بأنها‭ ‬لا‭ ‬تخصني؟‭ ‬نعم‭ ‬وبالتأكيد‭!! ‬ولكن‭ ‬لأجل‭ ‬معلوم‭.. ‬كنت‭ ‬سأبلغ‭ ‬البنك‭ ‬فورا‭ ‬بحدوث‭ ‬الخطأ‭ ‬ولكنني‭ ‬كنت‭ ‬‮«‬سآخذ‮»‬‭ ‬راحتي‭ ‬في‭ ‬رد‭ ‬النقود‭: ‬هاتوا‭ ‬مستندات‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المبالغ‭ ‬فعلا‭ ‬لا‭ ‬تخصني؟‭ ‬هاتوا‭ ‬دليلا‭ ‬على‭ ‬ان‭ ‬الموظف‭ ‬المتسبب‭ ‬في‭ ‬الخطأ‭ ‬لم‭ ‬يتعمد‭ ‬ذلك‭ ‬لتدبيسي‭ ‬في‭ ‬جريمة‭ ‬غسل‭ ‬أموال‭ ‬أو‭ ‬اتهامي‭ ‬بتمويل‭ ‬‮«‬القاعدة‭/‬داعش‮»‬‭.. ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬أمام‭ ‬القضاء‭ ‬والشرطة‭ ‬كي‭ ‬لا‭ ‬يسبقوني‭ ‬بالشكوى‭ ‬إليهم‭ ‬ويتهموني‭ ‬بالسرقة‭.. ‬ولازم‭ ‬ولا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬أعرف‭ ‬اسم‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬جردوه‭ ‬من‭ ‬الأموال‭ ‬التي‭ ‬حولوها‭ ‬إلى‭ ‬حسابي‭ ‬كي‭ ‬‮«‬توسع‭ ‬الحكاية‭ ‬وتصير‭ ‬فضيحة‮»‬‭.‬

للبنوك‭ ‬أفانين‭ ‬في‭ ‬بهدلة‭ ‬العباد،‭ ‬ولا‭ ‬بد‭ ‬ان‭ ‬نقف‭ ‬لها‭ ‬بالمرصاد‭.. ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬بنك‭ ‬ما‭ ‬يطالبك‭ ‬بعشرة‭ ‬دولارات‭ ‬فإنه‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬لإنفاق‭ ‬مائة‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬المراسلات‭ ‬والمكالمات‭ ‬لتهديدك‭ ‬وخلال‭ ‬أيام‭ ‬قليلة‭ ‬تجد‭ ‬جرس‭ ‬المزاد‭ ‬يرن‭ ‬أمام‭ ‬بيتك‭ ‬او‭ ‬سيارتك‭.‬

أخي‭ ‬هاشم‭ ‬أنت‭ ‬أغنى‭ ‬من‭ ‬البنك‭ ‬التعيس‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬ان‭ ‬اسمك‭ ‬فيه‭ ‬كل‭ ‬حروف‭ ‬‮«‬الشهامة‮»‬‭.. ‬وأشكرك‭ ‬لأنك‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬تعانيه‭ ‬من‭ ‬الإفلاس‭ ‬رفعت‭ ‬اسم‭ ‬عباس‭.. ‬الإفلاس‭ ‬الحقيقي‭ ‬ليس‭ ‬الافتقار‭ ‬إلى‭ ‬النقود،‭ ‬بل‭ ‬الافتقار‭ ‬إلى‭ ‬القيم‭ ‬التي‭ ‬تعفيك‭ ‬من‭ ‬التعرض‭ ‬للقصاص‭ ‬والحدود‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا