العدد : ١٧٠٨٠ - الجمعة ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٠ - الجمعة ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

القِرفة أم شوربة الدجاج؟

من‭ ‬الفولكلور‭ ‬الطبي‭ ‬الغربي‭ ‬أن‭ ‬شوربة‭ ‬الدجاج‭ ‬تساعد‭ ‬على‭ ‬الشفاء‭ ‬من‭ ‬أمراض‭ ‬البرد،‭ ‬ولكن‭ ‬وبظهور‭ ‬العقاقير‭ ‬الكيميائية‭ ‬نسي‭ ‬الناس‭ ‬أمر‭ ‬تلك‭ ‬الشوربة،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬على‭ ‬ظهر‭ ‬البسيطة‭ ‬طبيب‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬لك‭ ‬علاجاً‭ ‬كيميائياً‭ ‬ناجعاً‭ ‬لنزلة‭ ‬البرد‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬مئات‭ ‬الأصناف‭ ‬من‭ ‬العقاقير‭ ‬التي‭ ‬تزعم‭ ‬معالجة‭ ‬البرد‭ ‬في‭ ‬أرفف‭ ‬الصيدليات،‭ ‬وعلى‭ ‬كل‭ ‬حال‭ ‬فقد‭ ‬صار‭ ‬الناس‭ ‬وفي‭ ‬جميع‭ ‬القارات‭ ‬يعرفون‭ ‬أن‭ ‬نزلة‭ ‬البرد‭ ‬تزول‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬الحالات،‭ ‬بعد‭ ‬سبعة‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬علاج‭ ‬وبعد‭ ‬أسبوع‭ ‬مع‭ ‬العلاج‭ ‬بالأقراص‭ ‬والمحاليل‭ ‬الصيدلانية

عرضت‭ ‬الدكتورة‭ ‬لاريسا‭ ‬ليابينا‭ ‬أستاذة‭ ‬علم‭ ‬الأحياء‭ ‬البشري‭ ‬والحيواني‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬موسكو‭ ‬أمام‭ ‬مؤتمر‭ ‬علمي‭ ‬انعقد‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬الروسية‭ ‬أدلة‭ ‬قاطعة‭ ‬تفيد‭ ‬بأن‭ ‬شوربة‭ ‬الدجاج‭ ‬تسهم‭ ‬فعلاً‭ ‬في‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬أمراض‭ ‬البرد،‭ ‬بل‭ ‬والتغلب‭ ‬على‭ ‬أعراض‭ ‬الشيخوخة‭ ‬والوهن،‭ ‬بفضل‭ ‬مادة‭ ‬البرولين‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬الكولاجين‭ ‬وهي‭ ‬أنسجة‭ ‬الربط‭ ‬التي‭ ‬تذوب‭ ‬عند‭ ‬غلي‭ ‬الدجاج،‭ ‬وتتحول‭ ‬إلى‭ ‬جيلاتين‭ (‬هل‭ ‬سمعتم‭ ‬بالسيدة‭ ‬التي‭ ‬فتحت‭ ‬الثلاجة‭ ‬وكان‭ ‬بها‭ ‬قالب‭ ‬جيلاتين‭ ‬أو‭ ‬جيلي‭ ‬يهتز‭ ‬فقالت‭ ‬له‭: ‬لا‭ ‬تخف‭... ‬أريد‭ ‬فقط‭ ‬بعض‭ ‬الماء؟‭)‬،‭ ‬والجلاتين‭ ‬خليط‭ ‬من‭ ‬البروتينات‭ ‬المعروف‭ ‬مفردها‭ ‬باسم‭ ‬بيبتايد،‭ ‬وأيد‭ ‬الدكتور‭ ‬ستيفن‭ ‬رينارد‭ ‬من‭ ‬كلية‭ ‬طب‭ ‬جامعة‭ ‬نبراسكا‭ ‬الأمريكية‭ ‬استنتاجات‭ ‬الباحثة‭ ‬الروسية‭ ‬قائلاً‭ ‬إنه‭ ‬أجرى‭ ‬أبحاثاً‭ ‬أثبتت‭ ‬أن‭ ‬شوربة‭ ‬الدجاج‭ ‬تمنع‭ ‬انسداد‭ ‬الشعب‭ ‬الهوائية‭ ‬وتساعد‭ ‬على‭ ‬تسييل‭ ‬البلغم‭ ‬المخاطي،‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬الشوربة‭ ‬تحوي‭ ‬الثوم‭ ‬الذي‭ ‬يتمتع‭ ‬بخاصية‭ ‬مقاومة‭ ‬الباكتيريا‭ ‬والفيروسات،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬يساعد‭ ‬في‭ ‬تطفيش‭ ‬الأشخاص‭ ‬الثقلاء،‭ ‬فإذا‭ ‬زارك‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬راحة‭ ‬أو‭ ‬نوم‭ ‬فعجّل‭ ‬بوضع‭ ‬فص‭ ‬ثوم‭ ‬في‭ ‬فمك‭ ‬وأمضغه‭ ‬بسرعة‭ ‬ثم‭ ‬أعطه‭ ‬ثلاث‭ ‬بوسات‭ ‬على‭ ‬أنفه،‭ ‬وأضمن‭ ‬لك‭ ‬أنك‭ ‬لن‭ ‬ترى‭ ‬وجهه‭ ‬مرة‭ ‬أخرى

وإعداد‭ ‬شوربة‭ ‬الدجاج‭ ‬سهل‭ ‬للغاية،‭ ‬أقول‭ ‬هذا‭ ‬كشخص‭ ‬يعرف‭ ‬بعض‭ ‬فنون‭ ‬الطبخ‭ ‬ولا‭ ‬يتحرج‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يعد‭ ‬وجبة‭ ‬لأفراد‭ ‬عائلته‭ ‬‮«‬بمزاج‮»‬،‭ ‬وبكل‭ ‬تواضع‭ ‬فإنني‭ ‬‭ ‬مثلا‭ - ‬ماهر‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬وطبخ‭ ‬الكوسا،‭ ‬حيث‭ ‬أقوم‭ ‬بقطع‭ ‬طرفيها‭ ‬وتقشيرها‭ ‬برفق،‭ ‬ثم‭ ‬دهن‭ ‬بالملح‭ ‬والفلفل‭ ‬وغمسها‭ ‬في‭ ‬الخل‭ ‬لخمس‭ ‬دقائق‭ ‬ثم‭ ‬أفتح‭ ‬الشباك‭ ‬وألقي‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬الخارج،‭ (‬كان‭ ‬الأعرابي‭ ‬شديد‭ ‬النفور‭ ‬من‭ ‬الباذنجان‭ ‬ولما‭ ‬عددوا‭ ‬له‭ ‬فوائده‭ ‬الغذائية‭ ‬قال‭: ‬والله‭ ‬لو‭ ‬غسلوه‭ ‬بماء‭ ‬زمزم‭ ‬وقلوه‭ ‬بالتقوى‭ ‬لما‭ ‬وضعته‭ ‬في‭ ‬فمي‭)‬

المهم‭ ‬إليكم‭ ‬وصفة‭ ‬إعداد‭ ‬شوربة‭ ‬الدجاج،‭ ‬فهات‭ ‬ورقة‭ ‬وقلما‭ ‬لتسجل‭ ‬ما‭ ‬أقوله‭ - ‬نفعك‭ ‬الله‭ ‬بثقافتي‭ ‬الطبخية‭ - ‬تلك‭ ‬الشوربة‭ ‬تصنع‭ ‬من‭ ‬لحم‭ ‬الدجاج‭ ‬طبعاً‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬الجزر‭ ‬والبصل‭ ‬والثوم‭ ‬والملح‭ ‬والفلفل‭.  ‬ضع‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬النار‭ ‬لنحو‭ ‬45‭ ‬دقيقة‭ ‬ثم‭ ‬أخرج‭ ‬قطع‭ ‬الدجاج‭ ‬وأمزج‭ ‬بقية‭ ‬العناصر‭ ‬بالخلاط‭ ‬واستخلص‭ ‬اللحم‭ ‬والعظام‭ ‬الكبيرة‭ ‬من‭ ‬الدجاج‭ ‬المسلوق‭ ‬وأضفها‭ ‬إلى‭ ‬الخليط،‭ ‬وأتركها‭ ‬على‭ ‬النار‭ ‬مجدداً‭ ‬لمدة‭ ‬مماثلة،‭ ‬وكلما‭ ‬كانت‭ ‬الشوربة‭ ‬مركزة‭ ‬كلما‭ ‬كانت‭ ‬قيمتها‭ ‬العلاجية‭ ‬أفضل‭!  ‬ولكن‭ ‬وبما‭ ‬أنك‭ ‬أيها‭ ‬القارئ‭ ‬عربي،‭ ‬أو‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬عربي‭ ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬جميع‭ ‬العرب‭ ‬يعيشون‭ ‬على‭ ‬الأطعمة‭ ‬المستوردة،‭ ‬فعليك‭ ‬قبل‭ ‬صنع‭ ‬الشوربة‭ ‬أن‭ ‬تحمل‭ ‬الدجاج‭ ‬إلى‭ ‬مختبر‭ ‬للأغذية‭ ‬للتأكد‭ ‬من‭ ‬خلوه‭ ‬من‭ ‬هرمونات‭ ‬النمو‭ ‬والمضادات‭ ‬الحيوية،‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬إطعامها‭ ‬للكتاكيت‭ ‬كي‭ ‬تنمو‭ ‬بسرعة‭ ‬وينتفش‭ ‬لحمها،‭ ‬وهي‭ ‬مواد‭ ‬ضارة‭ ‬بالدجاج‭ ‬والإنسان،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬حيلتنا‭ ‬نحن‭ ‬الذين‭ ‬يفترض‭ ‬فينا‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬من‭ ‬الدواجن،‭ ‬ولا‭ ‬نتمتع‭ ‬سوى‭ ‬بنوعين‭ ‬من‭ ‬الحرية‭: ‬إحداهما‭ ‬مطلقة‭ ‬وهي‭ ‬‮«‬التنفس‮»‬‭ ‬والثانية‭ ‬مقيدة‭ ‬وهي‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬دورة‭ ‬المياه‭!‬

ومساهمتي‭ ‬في‭ ‬أمر‭ ‬التداوي‭ ‬من‭ ‬نزلات‭ ‬البرد‭ ‬والتي‭ ‬سبق‭ ‬لي‭ ‬عرضها‭ ‬على‭ ‬قراء‭ ‬أخبار‭ ‬الخليج‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬لها‭ ‬بشوربة‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬نوع،‭ ‬فعندما‭ ‬اكتشف‭ ‬الطب‭ ‬أن‭ ‬منشأ‭ ‬اضطرابات‭ ‬القولون‭ ‬عندي‭ ‬هو‭ ‬أنني‭ ‬أعاني‭ ‬من‭ ‬حساسية‭ ‬اللاكتوز‭ (‬السكر‭ ‬الطبيعي‭ ‬الذي‭ ‬في‭ ‬الألبان‭)‬،‭ ‬صرت‭ ‬أتعاطى‭ ‬الشاي‭ ‬الأحمر‭ ‬فقط‭ ‬ولكن‭ ‬مشبعا‭ ‬بالقرفة‭ (‬الدارسين‭)‬،‭ ‬وانتبهت‭ ‬إلى‭ ‬أنني‭ ‬ومنذ‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تقرّفت‭ ‬وتدرسنت‮»‬‭ ‬لم‭ ‬أعد‭ ‬أصاب‭ ‬بنزلات‭ ‬البرد،‭ ‬ثم‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬أقراص‭ ‬مضادة‭ ‬لحساسية‭ ‬اللاكتوز‭ ‬وتوقفت‭ ‬عن‭ ‬تعاطي‭ ‬الشاي‭ ‬بالقرفة،‭ ‬فعادت‭ ‬نزلات‭ ‬البرد‭ ‬تداهمني‭ ‬بشدة

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا