العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

دليلك إلى جائزة نوبل

قبل‭ ‬شهور‭ ‬قليلة‭ ‬وزعت‭ ‬لجنة‭ ‬جائزة‭ ‬نوبل‭ ‬الملايين‭ ‬باليمين‭ ‬والشمال‭ ‬لمن‭ ‬حققوا‭ ‬انجازات‭ ‬لفتت‭ ‬الانتباه‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬المنصرم‭ (‬2023‭)‬،‭ ‬وكما‭ ‬حدث‭ ‬طوال‭ ‬نحو‭ ‬العشر‭ ‬سنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬الفائز‭ ‬بجائزة‭ ‬الآداب‭ ‬نكرة‭ ‬خارج‭ ‬بلاده،‭ ‬وشخصيا‭ ‬لم‭ ‬أسمع‭ ‬به‭ ‬وأتحداك‭ ‬لو‭ ‬تعرف‭ ‬من‭ ‬هو،‭ ‬ولكنه‭ ‬فيما‭ ‬قرأت‭ ‬كتب‭ ‬أعمالا‭ ‬‮«‬لا‭ ‬بأس‭ ‬بها‮»‬،‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬حال‭ ‬هو‭ ‬نرويجي‭ ‬اسمه‭ ‬يون‭ ‬فوسه،‭ ‬كتب‭ ‬نصوصا‭ ‬مسرحية‭ ‬لقيت‭ ‬الرواج‭ ‬في‭ ‬بلاده‭. ‬وعدت‭ ‬بالذاكرة‭ ‬الى‭ ‬الوراء،‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬امرأة‭ ‬تؤلف‭ ‬مقطوعات‭ ‬موسيقية‭ ‬لم‭ ‬يستمع‭ ‬إليها‭ ‬أحد،‭ ‬وكتبت‭ ‬روايات‭ ‬لم‭ ‬يقرأها‭ ‬أحد،‭ ‬ونالت‭ ‬جائزة‭ ‬نوبل‭ ‬للآداب،‭ ‬وأجزم‭ ‬بأن‭ ‬تلك‭ ‬المرأة‭ ‬النمساوية‭ ‬‮«‬مغمورة‮»‬‭ ‬لأنني‭ ‬قرأت‭ ‬معظم‭ ‬الروايات‭ ‬‮«‬اللي‭ ‬عليها‭ ‬القيمة‮»‬‭ ‬لكتاب‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬القارات،‭ ‬أو‭ ‬سمعت‭ ‬بها،‭ ‬ولم‭ ‬أجد‭ ‬الوقت‭ ‬الكافي‭ ‬لقراءتها،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬بأس‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬فعندما‭ ‬نال‭ ‬الروائي‭ ‬المصري‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬تلك‭ ‬الجائزة‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬85%‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬قد‭ ‬سمعوا‭ ‬به،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬هؤلاء‭ ‬نحو‭ ‬80‭ ‬مليوناً‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬القراءة‭ ‬والكتابة،‭ ‬وفوقهم‭ ‬نحو‭ ‬10‭ ‬ملايين‭ ‬أمي‭ ‬يحملون‭ ‬درجات‭ ‬جامعية‭ ‬ويحسبون‭ ‬أن‭ ‬محفوظ‭ ‬هو‭ ‬مدرب‭ ‬فريق‭ ‬الأشبال‭ ‬في‭ ‬نادي‭ ‬دمنهور‭. ‬المهم‭ ‬مبروك‭ ‬لتلك‭ ‬السيدة‭ ‬وأمثالها‭ ‬من‭ ‬أعماق‭ ‬قلبي،‭ ‬فقد‭ ‬فتح‭ ‬نيلها‭ ‬لجائزة‭ ‬نوبل‭ ‬للآداب‭ ‬أبواب‭ ‬الأمل‭ ‬أمامي،‭ ‬فلدي‭ ‬رواية‭ ‬شرعت‭ ‬في‭ ‬كتابتها‭ ‬قبل‭ ‬25‭ ‬عاما‭ ‬وأعدت‭ ‬قراءتها‭ ‬مؤخرا،‭ ‬ودخلت‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬دورة‭ ‬المياه‭ ‬للتخلص‭ ‬منها‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬العيون،‭ ‬ولحسن‭ ‬حظي‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬مشغولة‮»‬،‭ ‬ونجا‭ ‬مشروع‭ ‬روايتي‭ ‬من‭ ‬الإعدام‭ ‬غرقا‭ ‬في‭ ‬السايفون‭ (‬أرجو‭ ‬من‭ ‬المصححين‭ ‬عدم‭ ‬إعادة‭ ‬كتابتها‭ ‬بعد‭ ‬حذف‭ ‬الألف‭ ‬التي‭ ‬تلي‭ ‬حرف‭ ‬السين‭.. ‬لأن‭ ‬تلك‭ ‬الألف‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬الكلمة‭ ‬الأصل‭ ‬بل‭ ‬ينبغي‭ ‬عدم‭ ‬كتابتها‭ ‬بالواو‭ ‬بعد‭ ‬الفاء‭). ‬وسأكملها‭ ‬فور‭ ‬حل‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وأرسلها‭ ‬إلى‭ ‬لجنة‭ ‬نوبل‭ ‬كي‭ ‬تنظر‭ ‬في‭ ‬أمر‭ ‬منحي‭ ‬ولو‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬لأتقاعد‭ ‬عن‭ ‬العمل،‭ ‬وليمت‭ ‬أدونيس‭ ‬كمداً‭!‬

أما‭ ‬الذي‭ ‬‮«‬بط‭ ‬كبدي‮»‬‭ ‬وفقع‭ ‬مرارتي،‭ ‬ونفخ‭ ‬قولوني‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬منح‭ ‬جائزة‭ ‬نوبل‭ ‬للسلام‭ ‬للسيدة‭ ‬ونغاري‭ ‬ماتاي‭ ‬من‭ ‬كينيا،‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬ولو‭ ‬منحوها‭ ‬لفاروق‭ ‬الفيشاوي‭ ‬لكان‭ ‬ذلك‭ ‬باردا‭ ‬على‭ ‬قلبي،‭ ‬فقد‭ ‬نالت‭ ‬ماتاي‭ ‬هذه‭ ‬الجائزة‭ ‬لأنها‭ ‬زرعت‭ ‬بضع‭ ‬أشجار‭. ‬حسنا‭ ‬ثلاثين‭ ‬مليون‭ ‬شجرة،‭ ‬ولو‭ ‬كنت‭ ‬أعرف‭ ‬أن‭ ‬زراعة‭ ‬الأشجار‭ ‬تعود‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬بالملايين،‭ ‬لغادرت‭ ‬المدرسة‭ ‬مبكرا‭ ‬وظللت‭ ‬في‭ ‬بلدتي‭ ‬الصغيرة‭ ‬‮«‬بدين‮»‬،‭ ‬تلك‭ ‬الجزيرة‭ ‬التي‭ ‬يحيط‭ ‬بها‭ ‬النيل‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الجهات‭ ‬لأتفرغ‭ ‬للزراعة،‭ ‬وحقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬هي‭ ‬أنني‭ ‬أحب‭ ‬الخضرة‭ ‬كثيرا،‭ ‬أحب‭ ‬الخضرة‭ ‬والماء‭ ‬والوجه‭ ‬الحسن،‭ ‬والماء‭ ‬متوفر‭ ‬في‭ ‬‮«‬الخليج‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬ظللت‭ ‬أعيش‭ ‬على‭ ‬شواطئه‭ ‬طوال‭ ‬ثلاثة‭ ‬عقود،‭ ‬والوجه‭ ‬الحسن؟‭ ‬ما‭ ‬يحتاج‭! ‬نظرة‭ ‬مني‭ ‬إلى‭ ‬المرآة‭ ‬تكفي‭! ‬والخضرة؟‭ ‬عندي‭ ‬في‭ ‬بيتي‭ ‬نباتات‭ ‬ظل‭ ‬تجعلك‭ ‬تحسب‭ ‬أنك‭ ‬في‭ ‬‮«‬مشتل‮»‬،‭ ‬وعندي‭ ‬في‭ ‬فناء‭ ‬البيت‭ ‬زهور‭ ‬وصبار‭ ‬وشجيرات‭ ‬جميلة‭ ‬ونعناع‭ ‬وبقدونس‭. ‬أحب‭ ‬النعناع‭ ‬كثيرا،‭ ‬وأكره‭ ‬البقدونس‭ ‬ولكن‭ ‬قبلت‭ ‬بزراعته‭ ‬في‭ ‬حوض‭ ‬صغير‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬لأن‭ ‬زوجتي‭ ‬قالت‭ ‬إن‭ ‬بديل‭ ‬البقدونس‭ ‬سيكون‭ ‬الكوسا،‭ ‬والنوم‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬تنبت‭ ‬فيه‭ ‬الكوسا‭ ‬أقسى‭ ‬على‭ ‬قلبي‭ ‬من‭ ‬الجلوس‭ ‬أمام‭ ‬ناقة‭ ‬أو‭ ‬فيفي‭ ‬عبده‭. ‬

ولكن‭ ‬السؤال‭ ‬الأهم‭ ‬هو‭: ‬ما‭ ‬علاقة‭ ‬الأشجار‭ ‬بالسلام؟‭ ‬الكلام‭ ‬الذي‭ ‬قالته‭ ‬أكاديمية‭ ‬نوبل‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬حماية‭ ‬البيئة‭ ‬تعتبر‭ ‬خدمة‭ ‬للسلام،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقنع‭ ‬شخصا‭ ‬معرفته‭ ‬بقضايا‭ ‬الصراعات‭ ‬والسلام‭ ‬مثل‭ ‬معرفة‭ ‬المطربة‭ ‬روبي‭ ‬بمسائل‭ ‬الحلال‭ ‬والحرام،‭ ‬ولكن‭ ‬نيلها‭ ‬للجائزة‭ ‬يفتح‭ ‬فرصا‭ ‬كثيرة‭ ‬أمامكم‭ ‬أيها‭ ‬القراء‭: ‬بعضكم‭ ‬يتخصص‭ ‬في‭ ‬شراء‭ ‬السمك‭ ‬وإعادته‭ ‬إلى‭ ‬البحر‭ ‬‮«‬حماية‭ ‬للبيئة‭ ‬البحرية‮»‬،‭ ‬وبعضكم‭ ‬يشتري‭ ‬كل‭ ‬أشرطة‭ ‬نانسي‭ ‬وهيفا‭ ‬وأليسا‭ ‬وروبي‭ ‬إلخ‭ ‬ويلقي‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬الميت‭ ‬منعا‭ ‬لاتساع‭ ‬ثقب‭ ‬الأوزون‭. ‬بس‭ ‬إياك‭ ‬تقول‭ ‬في‭ ‬نتنياهو‭ ‬أو‭ ‬ساكن‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬كلمة‭ ‬كده‭ ‬وللا‭ ‬كده‭ ‬فتنال‭ ‬حق‭ ‬الإقامة‭ ‬في‭ ‬منتجع‭ ‬غوانتنامو‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬‮«‬يناموا‮»‬‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا