اطلالة
هالة كمال الدين
halakamal99@hotmail.com
الأبوة المعاقة
في واقعة صادمة تم تداولها بقوة على وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرا أقدم مهندس مصري على تطليق زوجته وهي على سرير الولادة، بعد إنجابها طفلة من ذوي الهمم، حيث فوجئت الأم بفعلة زوجها هذه بعد اكتشافه إصابة ابنته بمتلازمة داون، حيث تركها في المستشفى وحيدة من دون حتى دفع المصاريف قائلا: «أنا مبخلفش بنات معاقة»!
ليست هذه الواقعة الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة، فهناك الكثير من الرجال الذين يحملون هذا الفكر المتخلف وتلك العقلية المريضة، الأمر الذي تواجه معه العديد من المطلقات معاناة شديدة عقب ولادتهن لأطفال من ذوي الهمم، بل إنه يصل الحال ببعضهن إلى الطرد من شقة الزوجية، وتحميلها كافة الالتزامات المادية لسدّ احتياجاتها هي ومن تعوله من أبناء.
شخصيا عايشت بنفسي قصة إحدى الأمهات التي رزقها الخالق ابنا معاقا فلم يتقبله زوجها، وراح يهددها بالزواج من أخرى، وابتعد وقرر الانفصال عنها، ناهيك عما عانته من إهانات من عائلته، وكأنها هي المسؤولة عن إعاقة هذا الطفل، وغيرها الكثيرات من أمهات أطفال ذوي إعاقة بتن مهددات بالهجر أو الانفصال للأسف الشديد..
مشكلة هؤلاء الأزواج أنهم يعانون من اختلال في صحتهم النفسية، ومن عدم الرضا بقضاء الله سبحانه وتعالى، وتلك هي بحق الأبوة المعاقة، وهو ما تطرق إليه د. ماهر السوسي أستاذ الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية، حيث قال إن ما يصدر عن المجتمع تجاه الأطفال ذوي الاعاقات يخالف تعاليم الشريعة الإسلامية، لافتا إلى أن معايرة الأهالي بأطفالهم غير مبررة ويحاسب عليها الشرع، مؤكدا أن الطفل بمجرد ولادته وجب على ذويه احتضانه وتقديم كل احتياجاته مهما كانت حالته الصحية، ومن يتأخر عن ذلك يعتبر آثما وعاصيا لرب العالمين، داعيا إلى السعي لتغيير المصطلحات الشائعة في المجتمع، وتوعية المواطنين بدرجة أكبر لتقبل وجود أطفال من ذوي الإعاقة، والتأكيد أنه لا علاقة للمرأة بإنجاب طفل بعيب خلقي.
يؤكد الاخصائيون النفسانيون أن الوالدين اللذين يكتشفان إعاقة طفلهما يمرّان بعدة مراحل: هي الصدمة، الانكار، الحزن والأسى، الخجل والخوف، اليأس والاكتئاب، الغضب وإسقاط اللوم على الآخرين، التمني والآمال غير الواقعية، الحماية الزائدة، فالتكيف، ثم التقبل.
نعم الشعور بتقبل مشيئة الرحمن هو نهاية المطاف سواء للأم أو الأب، وعندئذ فقط لن يعرف الحزن أو الخراب طريقا إليهما!!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك