المهندسة البحرينية الوحيدة التي عملت في مشروع سيتي سنتر قبل تخرجها في الجامعة، ومثلت وطنها في أكبر معرض للتصميم الداخلي في إيطاليا.. احتلت المركز الثاني في مسابقة نظمتها شركة أتكينز البريطانية بين فروعها في العالم.. صاحبة مكتب هندسي معماري نفذ أكثـر من 98 مشروعا خلال عشر سنوات.. المهندسة أمل علي زين الدين لــ«أخبار الخليج»:
مررت بتجارب مريرة وسقطت ولكني نهضت من جديد وبكل قوة
الاستقالة من «أتكينز البريطانية» لنيل الماجستير كانت مخاطرة كبيرة
علمتني الحياة ألا أثق إلا في نفسي وأن كل مُرٍّ سيَمُر
عملي في السنة الأخيرة من الجامعة كان تحديا كبيرا وكنت على قدره
يقول الفيزيائي الشهير كارل تايلور كومبتون: «يجب أن تكون مسألة الهندسة موضع اهتمام.. ليس فقط للمهندسين منا.. ولكن أيضا للعامة التي تعيش في عالم هندسي»!
نعم الاهتمام بالهندسة هو الذى ينقلنا إلى مرحلة الإبداع، حتى الهندسة الاجتماعية هي طريق للنمو والتحضر والتعبير عن الفن، وكما يقال فإن لكل عمل هندسي رد فعل، وإنه الطريق لصنع غد أفضل للبشرية. فمن الجميل أن تخلق تحديا بينك وبين ذاتك، حتى تكتشف أنك أفضل كثيرا مما توقعت نظرتك الشخصية لقدراتك، فطموحاتك هي التي تحدد نجاحك من فشلك، وأنه ليس هناك أي شيء ضروري لتحقيق النجاح أكثر من المثابرة، لأن بها يمكنك أن تتخطي أي عثرات، فالإرادة الحقيقية لا تنال منها الزوابع التي قد تعصف بك عبر مشوارك.
هكذا هي قناعة المهندسة المبدعة أمل علي زين الدين، فقد آمنت بشغفها الهندسي، وبحلمها في عالمه، حتى استطاعت أن تحلق في سماء الإبداع وتترك لها بصمة خاصة ومميزة خلال مشوارها الهندسي الممتد لأكثر من عشر سنوات، بعد رحلة طويلة من العمل والجد والاجتهاد والمثابرة بدأت قبل إنهاء مرحلة الجامعة، لتصبح واجهة مشرفة لوطنها ليس محليا فقط بل على الصعيد العالمي، بعد مشاركتها في مشاريع هندسية مهمة مثل مشروع سيتي سنتر، ودرة البحرين، ومرفأ البحرين المالي وغيرها.
حول هذا المشوار المشرق كان لنا الحوار التالي:
متى بدأ مشوارك مع الهندسة؟
لقد قررت في المرحلة الثانوية دراسة تخصص الهندسة، وقد شجعني على ذلك أنني أنحدر من عائلة تضم عددا كبيرا من المهندسين، حتى الوالد كان يملك شركة مقاولات إلى جانب عمله كمعلم، لذلك كنت دوما أرى نفسي مهندسة، وحين التحقت بهذا التخصص كان عدد البحرينيات المهندسات قليلا على الساحة، وتزامن تخرجي مع بداية النهضة العمرانية بالبحرين، ويمكن القول بأنني عشقت هذه المهنة بالفطرة، حتى أنني بدأت مشواري العملي في السنة النهائية للجامعة، وكان ذلك تحديا كبيرا، فقد كان الطبيعي والمفترض أن أتفرغ حينذاك لإعداد مشروع التخرج والدراسة، لكنني أردت التميز والتفرد، وتحقيق شيء في حياتي المهنية مبكرا، وكانت الانطلاقة مع شركة شهيرة من خلال مشروع مهم.
وما هو ذلك المشروع؟
حين قررت العمل أثناء الدراسة التحقت بشركة استرالية للعمل معها، حيث آمنت بقدراتي بشدة، وكنت البحرينية الوحيدة التي عملت معها في تصميم مشروع سيتي سنتر، وجمعت حينها بين الدراسة والعمل، وكانت فترة صعبة، لكنني استمتعت بها، ولم تؤثر مطلقا على دراستي رغم الضغوط التي عانيت منها، بل زادني عملي حافزا للتخرج والتفوق، ولم يكن الدافع ماديا على الإطلاق، بل كان شكلا من أشكال تحقيق الطموح، وإضافة خبرة وتجربة جديدة إليّ، وخاصة أن مشروع سيتي سنتر ضم الكثير من التنوع الإقليمي في الخبرات.
وبعد العمل مع الشركة الأسترالية؟
بعد عملي مع الشركة الاسترالية، انتقلت إلى شركة أتكينز البريطانية الشهيرة التي قامت بتنفيذ مشاريع مهمة وضخمة بالبحرين، مثل برج التجارة العالمي، ودرة البحرين، وغيرها، وقد نظمت مسابقة بين فروعها حول العالم احتللت فيها المركز الثاني، من خلال مشاركتي بمشروع لتصميم واجهة للشركة في معرض عالمي في دبي، وكان ذلك إنجازا كبيرا بالنسبة لي، وبعد ثلاث سنوات من العمل لديها قررت المخاطرة، وتخليت عن الوظيفة، الأمر الذي أحدث نقلة مهمة في حياتي.
وما هي تلك النقلة المهمة؟
لقد قررت الاستقالة من شركة أتكينز، والسفر إلى الخارج لنيل درجة الماجستير في إدارة الأعمال الإنشائية من جامعة مانشستر، وكانت خطوة جريئة، بل مغامرة، وخاصة أنني كنت أتمتع بالأمان الوظيفي والاستقرار المادي، من خلال عملي بشركة تعمل في أكبر مشاريع البحرين، ولكن طموحي كان أكبر من ذلك، أملا في الانتقال إلى مرتبة عليا في العمل الهندسي الإداري، والحصول على شهادة ترفع من خبراتي درجات أعلى، فكانت بالفعل نقلة مهمة في مشواري.
ماذا بعد العودة إلى البحرين؟
بعد العودة إلى البحرين مررت بفترة عصيبة عدة أشهر على الصعيد الإنساني والصحي والعملي، ولكن رغم ذلك لم أسمح لأي ظروف أو عثرات أن تقف حائلا دون مواصلة مشواري، بل كان ذلك حافزا قويا للنهوض مرة أخرى والوقوف على قدماي من جديد، وهنا قررت أن أطلق مشروعي الخاص، وجاء ذلك بدعم كبير من والدي الذي شجعني وساندني كثيرا، إلى جانب تلقي الدعم من صندوق تمكين، وتغلبت بذلك على أهم تحدٍ واجهني في البداية، وهو ما يتعلق بتوفير رأس المال اللازم.
ومتى حقق المشروع النجاح؟
كانت المفاجأة أن يحقق مشروعي النجاح بعد حوالي شهر من إطلاقه، واستطعت إثبات وجودي على الساحة بهذه السرعة، وكانت بدايتي متواضعة للغاية، حيث كنت أعمل بمفردي شهورا، ثم توسعت، وانضم إلى مشروعي عدد من الكوادر المؤهلة، وأشعر بفخر شديد بأن مشروعي نسائي بحريني بنسبة 100% منذ إطلاقه من حوالي عشر سنوات.
وما سبب الاعتماد الكلي على العنصر النسائي؟
تمسكي باعتماد مشروعي على العنصر النسائي بصورة مطلقة لم يأت تعصبا ضد الرجل، لكنه إيمانا بطاقات المرأة، وبإبداعها في هذا المجال بصورة لافتة، وتفوقها في الذوق العام، وفي الاهتمام بالتفاصيل، وقد نفذنا أكثر من 98 مشروعا منذ البداية، ولله الحمد لنا بصمتنا الخاصة في الكثير من المشاريع التجارية التي قمنا بتصميمها، ولعل أهم ما يميزنا هو أننا نعمل بروح الفريق الواحد، وبثقة فائقة في طاقاتنا وإمكانياتنا، فلكوننا نساء فقط بالشركة فهذا تحدٍ في حد ذاته كن على قدره.
دور الرجل في حياتك؟
للرجل دور كبير ومهم في حياتي، فوالدي كان ولا يزال السند الأول لي في كل خطواتي، ووراء أي خطوة إيجابية خطوتها عبر مشواري، وقد قدم لي الدعم اللازم لإطلاق مشروعي ولمدة عام، وكان ذلك حافزا قويا لي في البداية لإثبات ذاتي، وإنني جديرة بالثقة التي منحها لي، وحدث ذلك في فترة صعبة بالنسبة لي واجهت فيها الكثير من التحديات على مختلف الأصعدة، ولله الحمد كنت بقدر الثقة التي منحها لي، هذا فضلا عن دور زوجي ودعمه وتشجيعه الدائم لي وكذلك إخواني، فكل هؤلاء كانوا وراء نجاحي وتميزي وإنجازاتي، وكانت مفارقة عجيبة أن أعيش أسريا في وسط ذكوري، وعمليا في وسط نسائي، الأمر الذي جاء في صالحي.
مبدأ تسيرين عليه؟
أنا إنسانة عصامية كافحت وصارعت وبنيت نفسي بنفسي، ومبدئي أن أعيش بسلام، وأتعلم من أي فشل قد يواجهني، وأنهض بعد أي سقوط، وأبحث عن أمل جديد، وقد علمتني الحياة بشكل عام ألا أثق في أحد غير نفسي، وأن أكون شخصية استقلالية تعتمد على نفسها في كل شيء، وأقول لأي امرأة، ضعي الشغف والإيمان بقدراتك أمام عينيك دائم، فالخبرة تأتي بالتجربة وليس بالعلم فقط، ومن الضروري أن تصنع لنفسها رؤية في الحياة، ولا تسمح لأحد أو شيء أن يقتل طموحها، فكلنا نمر بمحطات حلوة ومرة، وكل مر سيمر.
حلمك الحالي؟
حلمي الدائم هو أن أمثل وطني دائما بصورة نموذجية سواء داخليا أو عالميا، ومن أهم الانجازات المهمة في مشواري هو أنني كنت المهندسة البحرينية الوحيدة التي مثلت وطنها في أكبر معرض للتصميم الداخلي في إيطاليا. ويبقي حلمي الكبير أن يأتي اليوم الذي أكون فيه صاحبة تصميم معلم بحريني سياحي مهم ومميز ومتفرد يعكس واجهة مشرفة لوطني أمام العالم، وهو حلم ليس بعيد المنال لأنه بالمثابرة والإرادة وبمشيئة الله تتحقق الطموحات، مهما كان حجمها أو مضمونها، طالما يبذل صاحبها الجهد والاجتهاد في سبيلها.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك