برنامج «كلام كبار» يناقش قضايا اجتماعية من وجهة نظر الأطفال وبلسانهم
طبقت عمليا مشروعي عن ربط جودة التعليم بالتنمية المستدامة
ضحيت بأكثر من بعثة كي أصبح معلمة لغة عربية لعشقي لها
برنامجي يعزز من مهارة التمكن اللغوي لدى الأطفال عبر محتوي صوتي مصور
أهم قضية تهم الطفل اليوم الفجوة بين الأجيال.. والسوشيال ميديا أكبر خطر يتهدده
أول معلمة بحرينية تدرج أهداف التنمية المستدامة في العملية التعليمية.. صاحبة أول قناة بود كاست تربوية على وسائل التواصل.. نالت المركز الأول في برنامج بود كاست الشباب العربي ومثلته في قمة اللغة العربية بأبوظبي وفي القمة العالمية للحكومات بدبي.. تم تكريمها في دولة الإمارات كرائدة من رواد الشباب العربي ومن قبل سمو الشيخ راشد بن حميد ومعالي شمة المزروعي.. عضو فريق عرافة جامعة البحرين.. التربوية مرام عبدالمجيد القاسمي لـ«أخبار الخليج»:
يقول الكاتب الأردني الشهير جلال الخوالدة: «المبدع لا يحتاج ساحة.. كل ما يحتاجه مجرد مساحة!
بالفعل، حين تم منحها مساحة للتميز في مجالها، وتضاعفت الفرص أمامها للإبداع، استطاعت وبمهارة أن تستثمر هذا المناخ لتقديم رؤيتها التعليمية الخاصة وتطبيقها على أرض الواقع، وأصبح كل يوم بالنسبة إليها فرصة للتطوير والتغيير.
مرام عبدالمجيد القاسمي، فتاة عاشقة للغتنا العربية الجميلة، قررت أن تصبح معلمة لها، ولكن بأسلوب خاص ابتكرته لتعزيز مهارة التمكن اللغوي لدى الجيل الجديد، فكانت صاحبة أول قناة بود كاست تربوية على وسائل التواصل تحت مسمي «إضاءات تربوية»، وأول برنامج بود كاست مصور من نوعه بعنوان «كلام كبار» يقدمه الأطفال، كما كانت أول معلمة بحرينية تدرج أهداف التنمية المستدامة في العملية التعليمية.
«بصمات نسائية» توقفت عند هذه التجربة الثرية والفريدة المليئة بالتحديات والنجاحات، وذلك عبر الحوار التالي:
حدثينا عن نشأتك؟
عند التحدث عن نشأتي لا بد هنا من الإشارة إلى مفارقة عجيبة وهي معاناتي من صعوبة في التعلم في الصف الأول الابتدائي، ولكن بفضل الله سبحانه وتعالى ودعم معلمتي ووالدتي وخالي استطعت الخروج من هذه المشكلة بكل سلام لأتحول إلى طالبة متفوقة نهمة للعلم والتعلم، فحين اكتشفت معلمتي حبي للمسلسلات حاولت علاجي من خلال ذلك، فكانت تطلب مني الوقوف في الصف كل يوم وقراءة ما شاهدته على الأطفال، وبالفعل أسهم ذلك في علاجي، وبدأت أهوى الإلقاء والخطابة، وشاركت في مسابقات عديدة وتفوقت فيها، وحدث أنني مثلت وطني في المرحلة الثانوية في «مناظرات قطر» ضمن الفريق البحريني، ولليوم أتذكر معلمتي وفضلها عليّ.
البداية مع مهنة التعليم؟
حين انهيت المرحلة الثانوية، حصلت على أكثر من بعثة علمية ولكني ضحيت بها من أجل أن اصبح معلمة لغة عربية نظرا إلى عشقي بشدة لها، وبدأت مشواري في كلية المعلمين، وتطورت لدي مهارات الإلقاء يوما بعد يوم، وتفوقت فيها حتى اقترحت على المعلمة الانضمام إلى نادي توست ماستر، وبالفعل انضممت إلى نادي «أفق»، وأثناء دراستي الجامعية ترشحت للمشاركة في مسابقة الخطابة البيئية بين جامعات الدول العربية في دبي وكان ذلك عبر خطاب عن مشروع تحت عنوان «جودة التعليم هو الطريق نحو التنمية المستدامة» وبعد التخرج عملت كمعلمة لغة عربية بالصف الساس الابتدائي ثم قررت أن أطبق ذلك المشروع على أرض الواقع خلال مسيرتي التعليمية؟
كيف تم تطبيق ذلك؟
لقد كنت أول معلمة بحرينية تدرج أهداف التنمية المستدامة في العملية التعليمية عبر توظيف مهارات القرن الحادي والعشرين في التعليم، وتم تعميم التجربة على المدرسة، وكرمت على ذلك من قبل وزير التربية والتعليم آنذاك، وكذلك تم اختياري كأفضل قيادية شابة في مجال التنمية المستدامة، ثم جاءت أزمة كورونا التي أسهمت في مواصلة مسيرة ابتكاراتي التعليمية.
ابتكارات مثل ماذا؟
لقد قمت بالتسجيل لدى برنامج بود كاست الذي نظمه مركز الشباب العربي وذلك من خلال فكرة تقديم برنامج تربوي الأول من نوعه يعنى بصناعة المحتوى الصوتي العربي التربوي ويهتم بالقضايا والتحديات التربوية تحت شعار «بود كاست عروبة» وعرضت مشروعي في دبي وبناء عليه تم اختياري لتمثيل الشباب العربي في قمة اللغة العربية، ثم في اجتماع القيادات العربية الشابة في القمة العالمية للحكومات في دبي والتي حضرها جميع وزراء الشباب في دول المنطقة وعدد كبير من الشباب القيادي العربي المبدع.
بعد القمة؟
بعد مشاركتي في هذه القمة العالمية للحكومات بدبي عملت لدى وزارة التربية والتعليم، ولكن حبي لتدريس الصغار لم يتوقف، واستمررت على العطاء في هذا المجال وابتكرت بود كاست تربويا مصورا كأول تجربة عربية من نوعها تحت عنوان «كلام كبار» بالتعاون مع شركة بروجيكت 2 ووزارة شؤون الشباب بالبحرين.
ما هي رسالتك عبر «كلام كبار»؟
رسالتي من خلال برنامج «كلام كبار» هي تأكيد أن الصغار بالعمر ليسوا صغارا بالفعل، وعلينا أن نستمع لهم، ونتعرف على وجهة نظرهم في القضايا الاجتماعية، ففي كل حلقة أتحدث عن قضية معينة بلسان حوالي عشرين طفلا تتراوح أعمارهم بين 8 و15 عاما، حيث تم اختيارهم بعد إجراء مقابلات واختبارات لضمان مدى تأهلهم للقيام بهذا الدور ثم تدريبهم، ويمكن القول بأن هدفي الأساسي بالطبع هو تعزيز مهارة التمكن اللغوي لدى الأطفال على اعتبار أن لغتنا هي هويتنا، وكم يسعدني اليوم وجود نوع من الصحوة تجاه لغتنا في دول المنطقة، ولكن المطلوب المزيد من الجهود في هذا الصدد.
كيف يمكن تحقيق التمكن اللغوي لدى أطفالنا؟
كي نحقق التمكن اللغوي لدى الأطفال لا بد من ابتكار تحديات في هذا المجال لعشقهم الشديد لها، وذلك على غرار تحدي القراء في دبي، إلى جانب الأنشطة والبرامج المحفزة على حب لغتنا، وهنا يجب التطرق إلى نقطة مهمة وهي تتعلق بالأسلوب الجاف والتقليدي الذي يتبعه بعض المعلمين في تدريسهم لها، والحاجة إلى تطويره، وهذا ما حرصت عليه من خلال تجربتي الشخصية.
وما هي تجربتك الشخصية في هذا الصدد؟
لقد حرصت عبر مشواري التعليمي على اتباع عدة أساليب مبتكرة وشيقة عند تدريسي للغة العربية لترغيب وتحبيب الأطفال فيها، منها استخدام الأغاني، والخرائط المعرفية، واللعب، والتدريبات الرقمية، وكذلك الاستعانة بمقاطع كارتونية أرسلها لهم عبر صفحتي على الانستجرام، وغيرها من الأساليب التي تواكب التكنولوجيا الحديثة التي يتقنها جيل اليوم بشكل كبير ولدرجة أصبح معها التمكن الرقمي يمثل إحدى مهارات القرن الحالي بل سمة من سماته، ومن ثم يمكن القول بأن المنهج ليس هو المشكلة بل أسلوب تدريسه الذي يجب أن يتواءم مع الذكاءات المتعددة لدى الطلاب.
أكثر قضية تهم طفل اليوم؟
هناك الكثير من القضايا الاجتماعية والأسرية التي تمس حياة الطفل اليوم وتؤثر عليه من قريب أو بعيد، وشخصيا أرى أن أكثر قضية تهمه اليوم ويجب التركيز عليها هي الفجوة بين الأجيال، ولا بد أن يكون المعلم قدوة له في ذلك، بمعنى أن يلعب دورا كبيرا في نقل العادات والتقاليد الأصيلة إلى الجيل الجديد وكذلك التعريف بها، وغرسها داخل نفوس طلابه على أن يتم ذلك بأسلوب تربوي صحيح، لأنه للأسف الشديد هناك بعض الأطفال يخجلون من هذا التراث العريق، ولا تربطهم به أي علاقة، وهو أمر غير مقبول ومرفوض فاقمت منه السوشيال ميديا التي أصبحت أكبر خطر يتهدد الطفل اليوم، فضلا عن دور أولياء الأمور في ذلك وفي توفير قدر من الرقابة والمتابعة لأبنائهم عند استخدام وسائل التواصل المختلفة للحد من مخاطرها وتأثيراتها السلبية عليهم وما أكثرها.
وعن التحدي الأصعب الذي واجهك؟
لا شك أن هناك العديد من التحديات التي واجهتني عبر مشواري ويمكن القول بأن أصعبها كان مدى تحمل ضغوطات العمل والدراسة في الوقت نفسه، فقد كنت أعمل صباحا كمعلمة، وأدرس عصرا كطالبة جامعية، وكان لزاما عليّ إحداث نوع من الموازنة فيما بينهما، وإتقان فن إدارة الوقت، ورغم نجاحي إلى حد كبير في تحقيق ذلك، فإنني أعترف بأن طموحي العملي والعلمي قد سرقني من حياتي الاجتماعية، ومن التواجد مع العائلة والأهل في كثير من الأوقات والمناسبات، ولكن تفهم الجميع من حولي لظروفي كان من الأسباب التي جعلتني أشعر بالارتياح تجاه هذا التقصير.
حلمك القادم؟
كم أنا سعيدة وفخورة بحصولي مؤخرا على تكريم من دولة الإمارات كرائدة من رواد الشباب العربي، ولعل أهم الطموحات التي أحلم بتحقيقها هو أن أمارس مهنتي داخل أسوار الجامعة، وفي كلية المعلمين، وإحداث نوع من التواصل بيني وبين الشباب من خلال ذلك، والعمل على نقل خبراتي إليهم وكذلك معلمي المستقبل بالكلية، وأود هنا توجيه الشكر إلى عدد من الأشخاص الذين أسهموا في صنع نجاحي من خلال دعمهم ومساندتهم الدائمة لي منهم الدكتور محمد بن مبارك جمعة وزير التربية والتعليم، والسيدة روان توفيقي وزيرة شؤون الشباب، والأستاذة نوال إبراهيم الخاطر وكيل الوزارة للسياسات والاستراتيجيات والأداء، والدكتورة ضياء الكعبي وجميع أفراد عائلتي، والإخوة والأخوات في مركز الشباب العربي، وكل شخص وثق بي وآمن بقدراتي.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك